للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في الناس على حقيقة الشرع، ونظر في أمور الدين والورع، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود، حتى في أهله وعشيرته والأقربين؛ كما أقامها في سائر الناس أجمعين، فاستقامت الأحوال في أيامه، وعَظُمت الفتوحات، ووقع له مع الفرنج الغزوات، ونصره الله تعالى عليهم.

وكان ملكاً عادلاً جواداً، وبعد هذا اختلفت الروايات في أمره، فمن الناس من يقول: إنه ترك ما كان فيه، وتجرَّد وساح في الأرض، حتى انتهى إلى بلاد المشرق وهو مستخفٍ لا يُعرف، ومات خاملاً.

ومنهم من يقول: إنه توفي في غرة جمادى الأولى، سنة خمس وتسعين وخمس مئة بمراكش.

وكانت ولادته سنة أربع وخمسين وخمس مئة، وكان يصلي بالناس الصلوات الخمس، ويلبس الصوف، ويقف للمرأة والضعيف، ويأخذ لهم الحق، وأوصى أن يدفن على قارعة الطريق؛ ليترحم عليه من يمر به، وكان يعاقب على ترك الصلاة، وينادي في الأسواق بالمبادرة إليها، وكان قد عظم ملكه، واتسعت دائرة سلطنته، وكان محسنًا للعلماء، مقرَّباً للأدباء، وإليه تنسب الدنانير اليعقوبية المغربية.

وكان قد أرسل إليه السلطان صلاح الدين رسولًا في سنة سبع وثمانين وخمس مئة يستنجده إلى الفرنج الواصلين من بلاد المغرب إلى الديار المصرية وساحل الشام، ولم يخاطبه بأمير المؤمنين، بل بأمير المسلمين، فعزَّ ذلك عليه، ولم يجبه إلى ما طلب منه.