للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بدر، وأشار سعدُ بنُ معاذ ببناء عريشٍ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعُمِل، وجلس عليه، ومعه أبو بكر.

وأقبلت قريش، فلما رآهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "اللهمَّ هذهِ قريشٌ قد أقبلَتْ بِخُيَلاَئِها وفَخْرِها تُكَذِّبُ رَسُولَكَ، اللَّهُمَّ فَنَصْرَكَ الَّذِي وَعَدْتَنِي بِه" (١).

وتقاربوا، وبرز من المشركين عُتبةُ بن ربيعة، وشَيبةُ بن ربيعة، والوليدُ بن عتبة، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبارز عُبيدةُ بنُ الحارث بنِ المطلبِ عتبةَ، وحمزُة عمُّ النبي - صلى الله عليه وسلم - شيبةَ، وعليُّ بن أبي طالب الوليدَ بنَ عُتبة. فقَتَل حمزةُ شيبةَ، وعليٌّ الوليدَ، وضَرَب كلُّ واحد من عُبيدة وعُتبة صاحبَه، وكرَّ عليٌّ وحمزةُ على عتبةَ، فقتلاه، واحتملا عُبيدة، وقد قُطِعت رجلُه، ثم مات.

وتراجف القوم، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه أبو بكر على العريش، وهو يدعو ويقول: "اللهمَّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ العِصابَةُ، لا تُعْبَدْ في الأَرْضِ، اللهمَّ أَنْجِزْ لي ما وَعَدْتَنِي" (٢).

ولم يزل كذلك حتى سقط رداؤه، فوضعها أبو بكر عليه، وخفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم انتبه، فقال: "أَبْشِرْ يا أبا بَكْرٍ؛ فقدْ أتى نصرُ الله".

ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العريش يحرّض المسلمين على القتال،


(١) رواه ابن هشام في "السيرة النبوية" (٣/ ١٦٨).
(٢) رواه مسلم (١٧٦٣)، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.