ولزم أهلُ المدينة بيوتهم، وعثمانُ محصورٌ في داره، ودام ذلك أربعين يومًا، وقيل: خمسين يومًا، وآخر الحال أنهم تَسَوَّروا على عثمان - رضي الله عنه - من دار لزقَ داره، ونزل عليه جماعة، فقتلوه ظلمًا، فضربه رجل بعمود على جبهته، وضربه الآخر بسيفٍ على عاتقه، وضربه رجل بسيف، فاتقاها بيده، فقطعها، فقال: أما إنها أولُ كفٍّ خَطَّت في المصحف.
وقُتِل - رضي الله عنه - وهو صائم، والمصحف بين يديه يتلو فيه.
وكان مقتله - رضي الله عنه - يوم الأربعاء، لثمان عشرة ليلة خلت من ذي الحجة، سنة خمس وثلاثين، وكانت مدة خلافته اثنتي عشرة سنة، إلا اثني عشر يومًا.
واختلف في عمره، فقيل: خمس وسبعون، وقيل: اثنان وثمانون، وقيل: تسعون، وقيل: غير ذلك، ومكث ثلاثة أيام لم يُدفن؛ لأن المحارِبين له منعوا من ذلك، ثم أمر عليٌّ بدفنه، ودُفِن ليلًا بالبقيع، وأُخفي قبره ذلك الوقت، ثم ظهر.
وأما شمائله: فإنه كان في نهاية الجُود والكرم والسخاء، وهو الذي جهّز جيش العُسرة بجملةٍ من ماله.
وروي: أنه دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثوبَه عليه، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كيف لا أَسْتَحْي مِمَّنْ تَسْتَحْيِي منهُ ملائِكةُ السَّماء"(١).