للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إليه خلقٌ، فمنهم من أطاع، ومنهم من امتنع، ولم يزل معاوية يداري الأمر، حتى بايعه أكثرُ الناس بالعراق والشام، ثم سار إلى الحجاز في ألف فارس، فلما دنا من المدينة، لقيه الحسين بن علي، وابنُ الزبير، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وابن عمر - رضي الله عنهم -، فلما نظروه، قالوا: لا مرحبًا، ولا سهلًا، وأقبلوا معه، لا يلتفت إليهم، وخرجوا إلى مكة، وأقاموا بها، وخطب معاوية بالمدينة، فذكر يزيد، ومدحه، ثم دخل على عائشة، فوعظته، لما بلغها عنه من ذكر الحمسين وأصحابه، وتهديدهم بالقتل.

ثم خرج إلى مكة، فلما قضى نسكه، وحمل أثقاله، وقرب مسيره، أحضرهم معاوية، وقال لهم: قد علمتم سيرتي فيكم، وصلتي لأرحامكم، ويزيدُ أخوكم، وابنُ عمكم، وقد أردتُ أن تقدموه باسم الخلافة، وتكونون أنتم تعزلون، وتولون، وتَجْبُون المال، وتقسمونه، لا يعارضكم في شيء من ذلك، فسكتوا، فقال: ألا تجيبون؟ - مرتين -، فأجابوه بجواب لم يرضَه، قال: إني قد أحببت أن أخبركم أنه قد أحذر من أعذر (١)، إني كنت أخطب، فيقوم إلى القائم منكم، فيكذبني على رؤوس الأشهاد، فأحمل ذلك، وأصفح، وإني قائم بمقالة، وأُقسم بالله! لئن ردَّ عليَّ أحد منكم كلمةً في مثل هذا، لا ترجع إليه كلمة غيرها، حتى يسبقها السيف إلى رأسه.

ثم دعا بصاحب حرسه بحضرتهم، فقال له: أقم على رأس كلِّ


(١) في الأصل: "أحذر".