للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجل من هؤلاء رجلين، مع كل واحد منهما سيف، فإن ذهب أحد منهم يردُّ عليَّ كلمة بتصديق أو تكذيب، فليضرباه بسيفيهما.

وخرجوا معه حتى رقا المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: إن هؤلاء الرهط سادة الناس وخيارهم، لا يُقضى أمرٌ دونهَم، وإنهم قد رجعوا وبايعوا ليزيد، فبايِعوا على اسم الله، فبايع الناس، ثم ركب معاوية، وانصرف إلى المدينة، فلقي الناسُ أولئك النفرَ، فقالوا لهم: زعمتم أنكم لا تبايعون، فلما أُرضيتم وأُعطيتم، بايعتم، قالوا: والله! ما فعلنا، قالوا: فما منعكم أن تردُّوا على الرجل؟ قالوا: كادَنا، وخِفْنا القتل.

وبايعه أهل المدينة، ثم انصرف إلى الشام، فأقام بها حتى حضره الموت.

وأنشد معاوية وقد تجلَّدَ للعائدين في مرضه:

وَتَجَلُّدِي لِلشَّامِتِينَ أُرِيهِمُ ... أَنِّي لِرَيْبِ الدَّهْرِ لاَ أتضَعْضَعُ

وَإِذَا المَنِيَّةُ أَنْشَبَتْ أَظْفَارَهَا ... ألْفَيْتَ كُلَّ تَمِيمَةٍ لاَ تَنْفَعُ

وكان يزيدُ عند موت أبيه غائبًا بقرية حوارين من عمل حمص، وأحضر معاويةُ الضحَّاكَ، ومسلِمَ بنَ عقبة، وحَمَّلهما رسالةً لابنه يوصيه بالعدل والإحسان للرعية، خصوصًا الحسين بن علي، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وحذره من ابن الزبير.