ولما وصل الحسين - رضي الله عنه - إلى القادسية، أُخبر بقتل مسلم بن عقيل، فهمّ بالرجوع، فلم يطعه إخوة مسلم، وقالوا والله! لا نرجع حتى نصيب بثأرنا، أو نُقتل كلُّنا، فقال الحسين - رضي الله عنه -: لا خير في الحياة بعدَكم، ثم سار حتى لقي خيل عبيد الله بن زياد، وقد غدا إلى كربلاء، ومعه خمس مئة فارس من أهل بيته، ونحو مئة رجل، فلما كثرت العساكر على الحسين، أيقن أنه لا (١) محيص له، فقال: اللهمَّ احكمْ بيننا وبين قومٍ دَعَونا لينصرونا، ثم هم يقتلونا، اللهمَّ اشهدْ، فلم يزل يقاتل حتى قُتل - رضي الله عنه -، وقاتل قاتِلَه، وكان متولي قتله رجل من مذحج، فاحتز رأسَه الكريمة، وانطلق بها إلى عبيد الله بن زياد، وهو يقول:
وأتى ذلك الرجلُ البائس بالرأس الكريمة إلى داره، فوضعها، وأكفأ عليها إناء، ونام في فراشه، فقالت له زوجته: ما الذي أتيتَ به؟ قال: أتيتك بعزِّ الأبد، وفخر الدهر، أتيتُك برأس الحسين بن علي، فقالت له: حسبُك الله! لقد خسرتَ الدنيا والآخرة، تأتي الناسُ بالذهب