للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي أيامه فُتحت مدائنُ كثيرة، وبني له مجلسٌ على طاق باب خراسان من مدينته التي سماها: المنصورية، وهي مشرفة على الدجلة، وهي مدينة بغداد، وقيل: إن مقدار ما أنفق المنصور في بناء بغداد وسورها وخندقها وأسواقها ودورها أربعةُ آلاف ألف، وثمان مئة، وثلاثة وثلاثون ألف دينار.

وكان الأستاذ من الصناع يعمل يومَه بقيراط فضة، وكان يعمل في بنائها في كل يوم خمسون ألف رجل.

وكان المنصور قد استشار أصحابه، منهم: خالد بن برمك في نقض المدائن، وإيوان كسرى، ونقل نقض ذلك إلى بغداد، فقال خالد: لا أرى ذلك؛ لأنه علَم من أعلام الإسلام، وفيه مصلَّى علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه -، فقال له المنصور: أبيتَ يا خالدُ إلا الميلَ لأصحابك العجم، وأمر بنقض القصر الأبيض، فنقضت ناحية، وحُمل نقضه، فنظروا، فإذا الذي لزمهم في ذلك أكثرُ من ثمن ما نقضوه، فدعا خالدَ بنَ برمك، فأعلمه بذلك، فقال: إني كنتُ قلتُ لمولانا أمير المؤمنين أن يتركه، والآن ما ينبغي الترك؛ لئلا يقال: عجز عنه، فأعرض عنه.

ونَقَل أبوابَ واسط، فجعلها على بغداد، وباب جيء به من الشام، وباب آخر جيء به من الكوفة، كان عَمِلَه خالدُ بنُ عبد الله القَسْري.

وجعل المدينةَ مدوَّرةَ الشكل؛ لئلا يكون بعض الناس أقربَ إلى السلطان من بعض، وعمل لها سورين، الداخلُ أعلى من الخارج، وبنى