تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (٧٣) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: ٧٣ - ٧٤]، فلما انتهى من (١) قراءته، تغير وجه الحاكم، ثم أمر لابن المشجر بمئة دينار، ولم يطلق للأول شيئاً.
ثم إن بعض أصحاب ابن المشجر قال: أنت تعلم خُلُق الحاكم، وكثرة استحالاته، وما تأمن أن يحقد عليك، ثم يؤاخذك بعد هذا، فتتأذّى منه، ومن المصلحة عندي أن تغيب عنه، فتجهَّز ابنُ المشجر إلى الحج، وركب البحر، فغرق، فرآه صاحبه في النوم، وسأله عن حاله، فقال: ما قصَّر الربان معنا، أرسى بنا على باب الجنة، وذلك ببركة نيته، وحسن صدقه.
والحاكم هو الذي بنى الجامع الكبير بالقاهرة، بعد أن كان شرع فيه والده العزيز بالله، وينى جامع راشدة بظاهر مصر، وكان شروعه في عمارته يوم الاثنين، سابع عشر ربيع الأول، سنة تسعين وثلاث مئة، وكان متولي خطابته الحافظ عبد الغني بن سعيد، والمصحح لمحرابه أبو الحسن علي ابن يونس المنجم.
وأنشا عدة مساجد بالقرافة وغيرها، وحمل إلى الجوامع من المصاحف والآلات الفضة والستور والحُصُر الشاميات ما لَهُ قيمة طائلة،