للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان الفرنج قد تغلبوا بتلك الناحية بعد ملكهم عسقلان، حتى إنهم استعرضوا كل مملوك وجارية بدمشق من النصارى، وأطلقوا قهراً كلَّ من أراد منهم الخروجَ من دمشق، واللحوقَ بوطنه، شاء صاحبه أو أبي.

فخشي نور الدين أن يملكوا دمشق، فكاتبَ أهلَ دمشق، واستمالهم من الباطن، ثم سار إليها، وحصرها، ففُتح له الباب الشرقي، فدخل منه، وملك المدينة، وكان نزوله عليها ثالث صفر، وملكها يوم الأحد، تاسع الشهر المذكور، سنة تسع وأربعين وخمس مئة.

وحصَر مجير الدين في القلعة، وبذل له إقطاعاً، من جملته: مدينة حمص، فسلم مجير الدين القلعة إلى نور الدين، وسار إلى حمص، فلم يعطه إياها نورُ الدين، وأعطاه عوضها بالس، فلم يرضها مجير الدين، وسار عنها إلى العراق، وأقام ببغداد، وابتنى داراً بقرب النظَّامية، وسكنها حتى مات بها.

ثم في هذه السنة أو التي بعدها: ملك نور الدين قلعة تل باشر، وأخذها من الفرنج، واستولى على بلاد الشام، من حمص وحماة وبعلبك والرحبة، وبنى بمدينة الموصل الجامعَ النوريَّ، وبحماةَ الجامعَ الذي على نهر العاصي، وجامع الرها، وجامع منبج، وبيمارستان دمشق، ودار الحديث بها.

وفي سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة، في رجب: كان بالشام زلازل قوية، فخربَتْ بها حماة، وشيزر، وحمص، وحصن الأكراد،