للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وطرابلس، وأنطاكية، وغيرها من البلاد المجاورة لها، حتى وقعت الأسوار والقلاع، فقام نور الدين محمود بن زنكي في ذلك المقامَ المرضي؛ من تداركها بالعمارة، وإغارته على الفرنج؛ ليشغلهم عن قصد البلاد، وكان الفرنج يخافون من نور الدين خوفاً شديداً لسلاطته عليهم، وهلك تحت الهدم ما لا يحصى.

وفي سنة ثمان وخمسين وخمس مئة: كبس الفرنجُ نورَ الدين وهو نازلٌ بعسكره في البقيعة تحت حصن الأكراد، فلم يشعر نور الدين وعسكره إلا وقد أطلَّت عليهم صُلبان الفرنج، وقصدوا خيمة نور الدين، فلسرعة ذلك، ركب نور الدين فرساً، وفي رجله الشجَّة، فنزل إنسان كردي، نقضها، فنجا نور الدين، وقُتل الكردي، فأحسنَ نورُ الدين إلى مخلَّفيه ووقف عليهم الوقوف، وسار نور الدين إلى بحيرة حمص، فنزل عليها، وتلاحقَ به مَنْ سلم من المسلمين.

وفي سنة تسع وخمسين: فتح نور الدين قلعة حارم، وأخذها من الفرنج بعد مصافّ جرى بين نور الدين والفرنج، انتصر فيه نور الدين، وقتل وأسر من الفرنج عالما كثيراً، وكان في جملة الأسرى البرنس صاحبُ أنطاكية، والقومصُ صاحبُ طرابلس، وغنم منهم المسلمون شيئاً كثيراً.

وفي هذه السنة - أيضًا - في ذي الحجة سار نور الدين إلى بانياس، وفتحها، وكانت بيد الفرنج من سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة إلى هذه السنة.