للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي سنة إحدى وستين وخمس مئة: فتح نور الدين حصن المنيطرة من الشام، وكان بيد الفرنج، وفتح صافيتا، والغربية.

وفي سنة أربع وستين وخمس مئة: ملك نور الدين قلعة جعبر.

ولنور الدين - رحمه الله تعالى - المناقبُ والمآثر والمفاخر ما يستغرق الوصف.

ومما روي عنه - رحمه الله تعالى -: أنه اشترى مملوكاً بخمس مئة دينار، جميل الصورة، ودفعه إلى رجل كبير من جماعته كان رباه، ويعرف أموره، وهو واثق به، وأمره أن يُلبسه أفخرَ الملبوس، ويوقفه في الخدمة على العادة، ففعل.

ثم أمره أن يصعد به كل يوم، ففعل، ثم أمره في يوم من الأيام أن يطلعه ليلاً، ويبيت معه على باب المكان الذي هو فيه، فأنكر عليه ذلك غايةَ الإنكار، وقال: هذا ما اشترى مملوكاً بمئة دينار أبداً، ونسبه إلى القبيح، وتعجب من ذلك غاية العجب، وقال: الشيطان لعب به، بعد تقدمه في السّن، وعبادته وإخلاصه في العمل والجهاد، وما تقدم منه من الخير، لئن وقع منه به فاحشة، لأقتلنَّه.

ثم أخذ كبَّارة، وأصلح رأسها، وحمله إلى المكان الذي ذكره له، وبات عند رأسه ينتظر وقوع ما وقع في نفسه، فلما كان نصف الليل، وإذا بالغلام أخذته الحمى الشديدة إلى طلوع الفجر، ومات من يومه، فبعد دفنه طلب السلطان نورُ الدين الرجل المذكور، وقال له: ما حملك على اتخاذ الكبارة؟ أردت قتلي، والله! إن الموت عندي أهونُ من الوقوع