للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زنكي بن أقسنقر في سنة سبع وخمسين وخمس مئة إلى المدينة الشريفة، بسبب رؤيا رآها، ذكرها بعض الناس، وسمعتُها من الفقيه عَلَمِ الدين يعقوبَ بن أبي بكر المحترقِ أبوه ليلةَ حريق المسجد، عمَّن حدثه عن أكابر ممن أدرك: أن السلطان محموداً المذكورَ رأى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ثلاثَ مرات في ليلة واحدة، وهو يقول له في كل واحدة منها: يا محمود! أَنقذني من هذين، ويشير لشخصين أشقَرين تجاهه، فاستحضرَ وزيرَه قبل الصبح، فذكر له ذلك، فقال: هذا أمر حدث في مدينة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ليس له غيرُك، فتجهَّز، وخرج على عَجَل بمقدار ألف راحلة، وما يتبعها من خيل، وغير ذلك، حتى دخل المدينة على غفلة من أهلها، والوزيرُ معه، وزار، وجلس في المسجد لا يدري ما يصنع. فقال له الوزير: أتعرفُ الشخصين إذا رأيتَهما؟ قال: نعم، فطلب الناس علة الصدقة، وفرق عليهم ذهباً كثيراً وفضة، وقال: لا يبقينَّ أحدٌ بالمدينة إلا جاء، فلم يبق إلا رجلان مجاوران من أهل الأندلس، نازلان في الناحية التي تلي قِبْلَة حجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - من خارج المسجد، عند دا رآل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - التي تعرف الآن بدار العشرة، فطلبهما للصدقة، فامتنعا، وقالا: نحن على كفاية، ما نقبل شيئًا، فجدَّ في طلبهما، فجيءَ بهما، فلما رآهما، قال للوزير: هما ذان، فسألهما عن حالهما، وما جاءَ بهما، فقالا: لمجاورة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: اصدُقاني، وتكرر السؤال حتى أفضى إلى معاقبتهما، فأقرا أنهما من النصارى، وأنهما وصلا لكي ينقلا مَنْ في هذه الحجرة الشريفة المقدسة، باتفاق من ملوكهم، ووجدهما قد حفرا نقباً