ابن نور الدين، فجمعَ أهلَ حلب، وقاتلوا صلاح الدين، وصدّوه عن حلب، واستمر صلاح الدين محاصراً لحلب إلى مستهل رجب، ورحل عنها بسبب نزول الفرنج على حمص، ووصل صلاحُ الدين إلى حماة ثامن رجب، وسار إلى حمص، فرحل الفرنجُ عنها، ثم سار إلى بعلبك، فملكها.
فلما تمَّ ملكُ صلاح الدين لهذه البلاد، أرسل الملكُ الصالح إلى ابن عمه سيف الدين غازي صاحبِ الموصل يستنجده على صلاح الدين، فجهَّز جيشاً صحبة أخيه عز الدين مسعود، وانضم إليهم عسكر حلب، وساروا إلى صلاح الدين، فأرسل صلاح الدين يبذل حمص وحماة، وأن تُقر بيده دمشق، ويكون فيها نائباً للملك الصالح، فلم يجيبوه إلى ذلك، وساروا إلى قتاله، واقتتلوا عند قرون حماة، فانهزم عسكر الموصل وحلب، وغَنِمَ صلاح الدين وعسكره أموالهم، وتبعهم حتى حصرهم في حلب، وقطع صلاح الدين حينئذ خطبة الملك الصالح ابن نور الدين، وأزال اسمه عن السكة، واستبدَّ بالسلطنة، فراسلوا صلاح الدين في الصلح، على أن يكون له ما بيده من الشام، وللملك الصالح ما بقي بيده منه، فصالحهم على ذلك، ورحل عن حلب في العشر الأول من شوال، سنة سبعين وخمس مئة.
ثم غزا صلاح الدين قلعة بازين، وأخذها من صابها، وملك بزاعة، وتسلمها، ثم سار إلى مَنْبج، فحصرها، وفتحها عَنوة.
ثم عاد صلاح الدين إلى مصر، فوصل إليها في سنة اثنتين وسبعين