آلاف فارس، وكان عسكر الشام نحو ثمان مئة فارس، والآراء مغلولة، والعزائم مجلولة، فبلَّغ الرسول الرسالة إلى نائب حلب، فأنكر ذلك، وزعم أن ذلك حيلة دبرها تمرلنك ليفسد بينهم، وضرب عنق الرسول.
وفي يوم الخميس تاسع الشهر نزلوا على حلب، وأحاطوا بها وسألوا القتال، فلما طلعت الشمس يوم السبت، برز عسكر حلب ومن اجتمع إليهم من العساكر، ومعهم خلق كثير من العامة، وهم مجتمعون في الظاهر، ولكن قلوبهم متفرقة، وأمراؤهم مختلفة، فوقف نائب الشام في الميمنة، ودمرداش في الميسرة، وبقية النواب في القلب، وركب تمرلنك، وأقبلت جموعه حتى بهر الأبصارَ كثرتُها، وسدَّت الآفاق عِدَّتُها، فاقتتلوا يسيرًا، ودافع نائب دمشق وطرابلس مدافعة كبيرة، فلم يغن شيئًا بالنسبة إلى من دهمهم من العساكر، فما كان غير ساعة حتى دهمها خلق كأمواج البحر المتلاطم، فولَّوا على أدبارهم ناكِصين، وأقبلوا نحو البلد منهزمين، وقتلوا في رجوعهم خلقًا كثيرًا من المشاة، حتى صارت القتلى على الأبواب ما يزيد ارتفاعه على قامة، ودخل النواب إلى القلعة، ودخل معهم كثير من الناس، ودخل التتار المدينة، وحصل بهم فساد كبير سفكًا وأسرًا، وأضرموا فيها النار، وكان قد نزل بالجامع والمساجد الجمُّ الغفير من النساء والمخدَّرات، فربطوهن بالحبال، وأسرفوا في قتل الأطفال، وكانوا لا يستحيون من الزنا في المساجد بحضرة الجمّ الغفير، وانتُهكت الحرمات حتى صار المسجد كالمجزرة؛ لكثرة ما فيه من القتلى، وأكثروا من شرب الخمر والزنا بالأحرار العفائف، وشرعوا