وفي يوم الثلاثاء رابع عشر الشهر نزل دمرداش في طائفة يطلبون الأمان، فأجابهم إلى ذلك، وخلع عليهم أقبية وتيجانًا على عادتهم، وأرسل خلقًا من أصحابه، فاستنزلوا من بالقلعة كل نائب وطائفته، فوضعوا كل رجلين في قيد، ووكلوا بهم من يحفظهم، وأشخص النواب بين يديه، فعنفهم، وأشبعهم توبيخًا وتقريعًا، ثم وكل بهم، وقدمت إليه النساء والصبيان وطرائف الأموال، ففرقها، وأقام بحلب نحوًا من شهر، وأصحابه يُفسدون ما أمكنهم، ثم رحل عنها، وجعلها دكًّا.
وفي الأربعاء نصفه، وصل الخبر إلى دمشق، فنادى الحاجب بذلك، وأمر الناس بالتحول إلى البلد، والاستعداد للعدو، فاختبطت البلد، ثم نودي بخروج السلطان من القاهرة، وتطييب خواطر الناس، ووصول بعض العسكر، وانجفل أهل حماة وتلك النواحي إلى دمشق، ومُنع الناس من السفر من دمشق، وكان ذلك من أسوأ الآراء، واستعدوا للحصار.
وفي الأربعاء ثاني عشرينه وصل الخبر إلى دمشق بأخذ قلعة حلب، وأن رسول تمرلنك واصلٌ معه كتبُ النواب بتسليم دمشق، وأن لا يقاتلوا، فهمَّ الحاجب بالهرب، فقام عليه العوام، وهموا بقتاله، فأقام، وسافر جماعة من الناس خفية، ونادى نائب الغيبة بأن أحدًا لا يشهر سلاحًا، وتسلم البلد للتتار بالأمان، ونادى نائب القلعة بالاستعداد لقتاله، ومن أراد سلاحًا، فليأخذ من القلعة.