للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كثيرة وأخذ المباشرون لأنفسهم أموالًا كثيرة وضربوا الناس حتى تعدى ذلك إلى الفقراء وأهل العلم، ومن امتنع مما وجب عليه، رسم بشنقه.

وكان تمرلنك في تلك الأيام ينادي بالأمان، ومنع أحدًا من الشقطية أن يدخل البلد، بل كان يمسك أراذل الشقطية ممن يفسد، ويفكر في موضع من البلد عالٍ بظهر يظهر أنه مشنوق.

وكان تمرلنك قد أرسل شخصًا من جهته، فكان يتسلم الأموال من المباشرين، وكان صدقة بن الحسامي في هذه المدة قاعدًا في دست النيابة؛ فإنه كان يقعد على حافة الإيوان، ويقعد قدامه كاتب السر، وعن يمينه القاضي الحنفي، وتحته الحنبلي، والوزير والموقعون في بقية الحلقة.

ثم انتشر الجور، وتناهوا في الظلم، وفقد الناس القوت، ولم يَر أحد بعد توجه السلطان خبزًا في فرن يباع، وغلا القمح والشعير؛ فإنهم لما تسلموا البلد، ختموا على جميع الحواصل التي بأيدي الناس الغائبين والحاضرين، وكان القمح يُباع الغرارةُ بثلاث مئة وستين، ثم وصل في مدة يسيرة إلى ألف وأربع مئة، واستمر الأمر على ذلك، ولا يجسر أحد يبيع هذا إلا بالليل، أو في خفية، وهم يأخذون حواصل، ويبيعون ذلك، وغالبًا البضائع لا توجد، وصارت الفلوس تقبض الخمسة بدرهم فضة، وهلك الفقراء، وبقي الإنسان لا يقدر يمشي من كثرة الأموات، وعجز الناس عن دفنهم.

وكبسوا الخانات والأسواق والمدارس، وغيرها، وسلموا كل حارة