المصرية، والأمير ماماي الدوادار الثاني، وهما جالسان عند رجلي السلطان، وهو نائم في فراشه، فلما وقع نظره عليه، شرع الأمير قانصوه يكلم السلطان بكلام لطيف، معناه: أنه حصل له الانزعاج بسبب توعك السلطان، وأنه قصد التمثل لحضرته الشريفة لمشاهدة ذاته الشريفة ليطمئن قلبه، ثم انصرف من عنده، فأُخبر السلطان بما فعله من تحصين القلعة، ودخوله إليه هجمًا، فأجاب السلطان عنه بجواب يقتضي الاعتذار عنه، ولم يُظهر الغضب عليه، فتحرك العسكر على الأمير قانصوه، وقصدوا انتهاك حرمته، فأمره السلطان بالتوجه من القاهرة إلى ذلك البر لإخماد الفتنة، فتوجه، واستمر غائباً بقية شهر رمضان، فلما دخل شهر شوال، ركب المماليك، وتوجهوا إلى منزل الأمير قانصوه بقناطر السباع، ونهبوه وحَرَقوه وحُرق عدة أماكن ونُهبت، وحصل للناس في ذلك الضرر الكثير، وقتل في الحريق خلق من الناس، واستمر ذلك نحو ستة أيام، وطلب العسكر من السلطان إخراج الأمير قانصوه إلى القدس الشريف، فأظهر لهم السلطان أنه يجيبهم إلى ذلك، ثم تكلم الأمير أزبك أتابكُ العساكر، والأمير تمراز أميرُ سلاح مع السلطان في أمر الأمير قانصوه أمير أخور كبير، وأن إخراجه إلى القدس الشريف لا فائدة فيه، وشَرَعا في إخماد الفتنة، فطلب السلطان أكابر المماليك، وتلطف بهم في الكلام، واسترضاهم على الأمير قانصوه، ووعدهم بكل جميل، فرضوا بذلك امتثالًا لأمره، وأُحضر الأمير قانصوه إلى الحضرة الشريفة، وأُلبس خلعة من حضرة السلطان، ونزل إلى المدينة والناس في خدمته من الأمراء