للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمه إلى مكة، فلما كان بالأبواء، توفيت أمه آمنة، فَقَبْرُها هناك، فرجعت به أم أيمن إلى مكة، فضم عبدُ المطلب رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، ورَقَّ عليه رقةً لم يرقَّها على ولده، فلما حضرت عبدَ المطلب الوفاةُ، أوصى أبا طالب بحفظِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وحياطتهِ.

ولسبعة مضت من عمره: خرج به عبد المطلب يستسقي، وقد كانت تتابعتْ على قريش سنون أقحلَتِ الضرعَ، وأدقَّت العظمَ، فصعِدَ عبدُ المطلب أعلى ذروة الجبل، ومعه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فدعا الله، فتفجرت السماء بمائها، واكتظَّ الوادي بثجيجه، فهُنئَ عبدُ المطلب من أكابر قريش (١).

وأنشدَ بعضُهم يمدح رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -:

وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالُ الأَيَامَى عِصْمَةٌ لِلأَرَامِل

وفي هذه السنة خرج عبدُ المطلب لتهنئة سيفِ بنِ ذي يزن بالظفر لمَّا ملكَ أرضَ اليمن، وقتلَ الحبشَ وأبادهم، وبشَّر سيفًا عبدَ المطلب بأنه سيظهر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من نسله.

وفي سنة ثمانية من مولده: كان موتُ عبد المطلب، وهو ابن اثنتين وثمانين سنة، وقيل: مئة وعشر سنين، وقيل: مئة وعشرين سنة.


(١) انظر: "المنتظم" (٢/ ٢٧٣).