للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتذكر موتَ عبد المطلب؟ قال: "نعم، كنتُ ابنَ ثمانِ سنينَ" (١).

وضمه أبو طالب، وكان فقيرًا لا مالَ له، وكان إذا أكل عيالُه جميعًا، أو فرادى، لم يشبعوا، فإذا أكل معهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَضَلَ من طعامهم، فيقول أبو طالب: إنه لمبارك، وأَحبَّه حبًا شديدًا.

وفي هذه السنة: كان هلاك حاتم الطائي، وهو حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس، وأمه عتبة بنتُ عفيف بن طيء، ويكنى: أبا سفانة، وكان حاتم الطائي شاعرًا جوادًا.

* * *

ولمّا صار لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - اثنتا عشرة سنة وشهران: ارتحل أبو طالب إلى الشام، فحمل معه النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فلما نزل الركبُ بِبُصْرى من أرض الشام، وبها راهبٌ يقال له: بَحيرا في صومعة له، وكان ذا علم في النصرانية، وكان كثيرًا ما يمرون عليه، ولا يكلمهم، حتى إذا كان ذلك العام، ونزلوا منزلًا قريبا من صومعته، كانوا ينزلونه قبل ذلك كلما مروا، فصنع لهم طعاما، ثم دعاهم، وكان قد رآهم حين طلعوا، وغمامةٌ تُظِلُّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - من بين القوم، حتى نزلوا تحت الشجرة، ثم نظر إلى تلك الغمامة قد أظلَّت تلك الشجرة، واخضرَّتْ أغصانُ الشجرة حين استظل


(١) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (١/ ١١٩).