للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو لكونه يتميز به عن غيره، وكل هذا لا يصح أن يحاسب عليه المتقدم.

وهذا كله إذا كان الناقد المتقدم قد خرج عما هو مشهور في زمنهم في معنى المصطلح المعين، فَتَجَوَّز استعانة بالسياق، وأما إذا كان استخدم المصطلح على معنى مشهور عندهم، والمتأخرون هم الذين أخرجوه في تحريرهم للمصطلح، فالخطب أعظم.

ومثاله أن المتقدمين يستخدمون مصطلح المنكر لما تفرد به راويه، وترجح فيه خطؤه، سواء كان ثقة، أو لا، وسواء خالف أو لم يخالف، والمتأخرون قصروه على تفرد الضعيف، وقد تقدم شرح هذا في الفصل الثالث من الباب الثاني.

وقد ذكر ابن حجر قول أبي داود في حديث همام بن يحيى، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس في وضع الخاتم عند دخول الخلاء، وقوله عنه إنه حديث منكر، ثم قال ابن حجر: «وحكم النسائي عليه بكونه غير محفوظ أصوب، فإنه شاذ في الحقيقة، إذ المنفرد به من شرط الصحيح، لكنه بالمخالفة صار حديثه شاذا» (١).

فقول أبي داود إنه حديث منكر، وقول النسائي إنه غير محفوظ، هما بمعنى واحد، ولا يقال إن عبارة أحدهما أصوب من الأخرى، بناء على ما اختاره المتأخرون في معنى المصطلح، سواء في تعريفه، أو في القاعدة والحكم.


(١) «النكت على كتاب ابن الصلاح» ٢: ٦٧٦. والحديث أخرجه أبو داود حديث (١٩)، وفيه حكمه عليه بالنكارة، وسبب ذلك، والترمذي حديث (١٧٤٦)، والنسائي في «السنن الكبرى» حديث (٩٥٤٢)، وفيه قوله عنه إنه غير محفوظ، وابن ماجه حديث (٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>