والجواب: أن جمهور النقاد رجحوا وجها تاما، وهو جعله عن الأغر المزني، وهو الوجه المشهور عن أبي بردة، ولو كان هناك وجه يعله ويضعفه هو الراجح عندهم لبادروا بإحضاره، وكان غرضهم تعليل رواية المغيرة بن أبي الحر، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه أبي موسى، لئلا يظن أنه حديث آخر، فبينوا غلطه، وأما المرسل فلو صح عن أبي إسحاق، أو عن أبي بردة، لم يؤثر هذا شيئا بعد ثبوت وجه الأغر، فالمرسل إذا ترجح الوجه الموصول دخل فيه، كما تقدم شرح هذا في المبحثين الثاني، والثالث، من الفصل الرابع من هذا الباب، سواء قيل: التقصير من أبي إسحاق، أو قيل: أبو بردة أرسله حين حدث به أبا إسحاق، وسياق القصة يؤيده، فكأن أبا بردة حين سأله أبو إسحاق أجاب: نعم، قد قاله - صلى الله عليه وسلم -، مع أنه عنده عن الأغر.
وأما أبو حاتم فزاد على النقاد طريقا آخر يجعله عن أبي موسى، وهو طريق موسى بن عقبة، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، وبين أن هذا لا يصح أيضا، فالصواب إرساله عن أبي إسحاق، فكلام أبي حاتم إذن متمم لكلام النقاد، في تعليل حديث أبي موسى، وليس معارضا لهم في ترجيحهم لوجه الأغر، والله أعلم.
وأخرج البخاري من طريق عبدالرحمن بن مغراء، عن يزيد بن أبي حبيب، عن اللجلاج، عن عبدالله بن سعيد المخزومي، عن المغيرة بن أبي بردة، عن أبي هريرة مرفوعا في ماء البحر:«هو الطهور ماؤه، الحل ميتته»(١).