للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستمر هذا طيلة عصر النقد، في طبقات متعددة من النقاد، يستفيد المتأخر من المتقدم، لكن لا يقلده، بل يعارضه أحيانا، حتى انتهى عصر الرواية، ودونت الكتب، وأصبحت الرواية لهذه الكتب فقط، فصار من يريد النظر في صحة الحديث وضعفه يعتمد على كلامهم، سواء في الرواة، أو في سماع بعضهم من بعض، أو في الأحاديث نفسها.

ومنهج أئمة النقد الذي ذكرته آنفا في الموازنة والنظر أشهر من أن يعرف به، فكل كلامهم على الأسانيد، وعلى الرواة أنفسهم مبني على المقارنة والموازنة، متمثلا بالخطوات الخمس التي أشرت إليها، فإذا قال الإمام عن حديث ما: الصواب فيه الوصل، أو الإرسال، أو الرفع، أو الوقف، أو قال عن راو إنه ثقة، أو ضعيف، أو متروك، أو ضعيف في فلان، أو ثقة لكن أحاديثه عن فلان مناكير، أو فلان أحفظ من فلان، أو أقوى منه في فلان، أو هما سواء، كل ذلك بناه على المقارنة والنظر، والباب كله واحد لا يختلف.

وقد حرصت جدا هنا على توضيح هذه الصورة وبيان شدة الارتباط بين الأعمال التي قام بها المحدثون النقاد، وهي تؤخذ في الدراسة مفرقة، بحيث يبدو الارتباط بينها ضعيفا، إن لم يكن مفقودا في أذهان كثير من الباحثين، وسأعود إلى هذه النقطة في مناسبات أخرى للحاجة إليها.

ومع وضوح طريقة عمل الأئمة عند اختلاف الأسانيد، وظهورها في كل عمل قاموا به، في مؤلفاتهم وفي إجاباتهم على أسئلة تلاميذهم، مع هذا كله فقد

<<  <  ج: ص:  >  >>