للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أغرب ما وقع له صنيعه في حديث ابن عمر: «بني الإسلام على خمس ... » (١)، فقد جاء عن ابن عمر في «صحيح مسلم» إنكاره تقديم الحج على صوم رمضان في عدها، وأنه سمعها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هكذا بتقديم الصوم، ثم جاءت عنه روايات بتقديم الحج، فقال النووي مجيبا عن هذا: «الأظهر -والله أعلم- أنه يحتمل أن ابن عمر سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - مرتين، مرة بتقديم الحج، ومرة بتقديم الصوم، فرواه أيضا على الوجهين في وقتين، فلما رد عليه الرجل وقدم الحج قال ابن عمر: لا ترد علي ما لا علم لك به ... ، وليس في هذا نفي لسماعه على الوجه الآخر، ويحتمل أن ابن عمر كان سمعه مرتين بالوجهين كما ذكرنا، ثم لما رد عليه الرجل نسي الوجه الذي رده فأنكره، فهذان الاحتمالان هما المختاران في هذا» (٢).

فلكي يبعد نسيان أحد الرواة، أو روايته للحديث بالمعنى، اضطره ذلك إلى ما هو أعظم منه، إذ نسب النسيان إلى صحابي الحديث وهو ابن عمر، وقد ناقشه في ذلك العلائي، ثم ابن حجر (٣).

وزيادة على ذلك، ففي هذا الحديث بعينه وردت رواية عند أبي عوانة في


(١) «صحيح البخاري» حديث (٨)، (٤٥١٣)، و «صحيح مسلم» حديث (١٦)، و «سنن الترمذي» حديث (٢٦٠٩)، و «سنن النسائي» حديث (٥٠١٦)، و «مسند أحمد» ٢: ٢٦، ١٢٠، ١٤٣.
(٢) «شرح صحيح مسلم» ١: ١٧٩.
(٣) «النكت على كتاب ابن الصلاح» ٢: ٧٩٩، و «فتح الباري» ١: ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>