للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من وجوه الترجيح حكموا لها، وإلا توقفوا عن الحديث وعللوه بذلك، ووجوه الترجيح كثيرة لا تنحصر، ولا ضابط لها بالنسبة إلى جميع الأحاديث، بل كل حديث يقوم به ترجيح خاص، وإنما ينهض بذلك الممارس الفطن، الذي أكثر من الطرق والروايات، ولهذا لم يحكم المتقدمون في هذا المقام بحكم كلي يشمل القاعدة، بل يختلف نظرهم بحسب ما يقوم عندهم في كل حديث بمفرده» (١).

وقال ابن حجر معقبا على الأقوال التي ذكرها ابن الصلاح في مسألة (تعارض الوصل والإرسال) عن الخطيب البغدادي، وقوله إن الصحيح في الفقه والأصول هو ترجيح الوصل دائما: «ثم إن ابن الصلاح خلط هنا طريقة المحدثين بطريقة الأصوليين، على أن لحذاق المحدثين في هذه المسألة نظرا آخر لم يحكه، وهو الذي لا ينبغي أن يعدل عنه، وذلك أنهم لا يحكمون فيها بحكم مطرد، وإنما يدورون في ذلك مع القرائن» (٢).

وقال أيضا تعليقا على كلمة ابن طاهر: «لا خلاف نجده بين أهل الصنعة أن الزيادة من الثقة مقبولة»، قال: «أي لا نجد أحدا من أهل الفن إلا وقد قبل زيادة الثقات، ولو في مكان من الأماكن، فهم مجمعون بهذا الاعتبار بالفعل، ولكنهم مختلفون في التفاصيل، فتجد هذا يقبل في مكان لا يقبل فيه آخر، ويقبل في آخر غيره، ومن تأمل تصرفهم حق التأمل علم أنهم لا يحكمون في هذه المسألة بحكم كلي، ولكنهم دائرون في أفرادها مع القرائن، فتارة يرجحون الوصل،


(١) «النكت على كتاب ابن الصلاح» لابن حجر ٢: ٧١٢.
(٢) «النكت الوفية بما في شرح الألفية» للبقاعي ١: ٤٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>