للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الخطيب: «ويرجح بكثرة الرواة لأحد الخبرين, لأن الغلط عنهم والسهو أبعد، وهو إلى الأقل أقرب» (١).

ولا شك أنه إذا كان الأقل شخصا واحدا فالوهم إلى روايته أقرب، إذ التفرد بحد ذاته -ولو لم يخالف- مظنة الخطأ، كما تقدم شرح ذلك في الباب الثاني، فإذا خولف المنفرد كان أدل على وهمه وغلطه في الموضع الذي غلط فيه، وإن كان استفاد من رواية مخالفه في أصل الرواية، كما تقدم شرحه هناك.

وتقدم هناك أيضا أن الراوي المنفرد هو نفسه يتخوف من تفرده، ويخشى أن يكون غلط فيه، وكذلك هنا، إذا خولف المتفرد فيما تفرد به خشي أن يكون أخطأ.

روى عبدالله بن محمد النفيلي، عن أبي معاوية، عن عاصم الأحول، عن عبدالله بن سرجس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «في الحجم شفاء» (٢).

قال ابن أبي حاتم بعد أن ذكر هذه الرواية لأبيه: «قال أبي: حلف لي النفيلي أنه سمعه، ولم يحدثني به، قال: أجبن عنه. قال أبي: هذا خطأ، يمكن أن يكون دخل له حديث في حديث، إنما رواه أبو معاوية، عن الشيباني، عن يُسَيْر بن عمرو، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «في الحجم شفاء»، وليس لذاك أصل، وذكر لي أن يحيى بن معين كتب إليه أن لا يحدث به» (٣).


(١) «الكفاية» ص ١٣٦.
(٢) «حلية الأولياء» ٣: ١٢١، و «الأحاديث المختارة» حديث (٣٨٠ - ٣٨١).
(٣) «علل ابن أبي حاتم» ٢: ٣١١. وحديث يسير بن عمرو أخرجه ابن أبي شيبة ٧: ٤٤١ حديث (٣٧٣٠) عن أبي معاوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>