والروايات الأخرى عن الأعمش أفادت حينئذ أي قولي الثوري هو الذي أصاب فيه، وأيهما الذي أخطأ فيه؟ فأفادتنا ما هو الراجح من المدار فما فوق, وأما قبل المدار فلم تتغير النتيجة.
والخلاصة أنه لا تلازم مطلقا بين نتيجة نظر في اختلاف في طبقة، وبين ما هو حاصل في الطبقات التي فوقه, وشرح ذلك لن أطيل به هنا, فهذا له فصل خاص به هو الفصل الرابع, وهو بعنوان (الاختلاف عن المدار والحكم النهائي) , والمباحث في الفصل الذي نحن فيه الآن خاصة المبحثين الثاني, والثالث - هي في معرفة ما هو المحفوظ عن المدار الذي ينظر الباحث في الاختلاف عليه, غير أني استعجلت التنبيه على هذه القضية لأن لها مناسبة هنا، ولكثرة وقوع الخلط عند الباحثين حين يستعينون بالنظر في روايات الطبقات العليا.
وأكتفي هنا بعرض مثال يتضح به المقصود, وهو حديث اختلف فيه على الزهري وعلى من دونه, وأشهر الأوجه فيه وجهان, فرواه إسماعيل بن عياش, عن موسى بن عقبة, وقال مرة: عن الزبيدي, كلاهما عن الزهري, عن أبي بكر بن عبدالرحمن, عن أبي هريرة, عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما رجل باع سلعة فأدرك سلعته بعينها عند رجل ... » الحديث (١).
ورواه مالك, ويونس بن يزيد, وصالح بن كيسان, ومعمر, عن الزهري, عن أبي بكر بن عبدالرحمن مرسلا, ليس فيه أبو هريرة.
(١) «سنن أبي داود» حديث (٣٥٢٢) ,و «سنن ابن ماجه» حديث (٢٣٥٩).