للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد توارد النقاد -محمد بن يحيى الذهلي, وأبو داود, وأبو زرعة, وأبو حاتم, والعقيلي, والدارقطني- على ترجيح المرسل, وأن الموصول بذكر أبي هريرة غير محفوظ (١).

تعرض أحد الباحثين لهذا الاختلاف, فتكلف جدا في تقوية الوجه الأول, لكنه رجح الوجه الثاني لأنه من رواية الحفاظ الكبار من أصحاب الزهري, ثم عاد فنقض هذا, وقال: «لكن يلاحظ أنه وجد متابع للزهري عليه (يعني الوجه الأول) بسند صحيح, وذلك فيما أخرجه الشيخان في «صحيحيهما» (٢) من طريق يحيى بن سعيد, عن أبي بكر بن عمرو بن حزم, عن عمر بن عبدالعزيز, عن أبي بكر بن عبدالرحمن, عن أبي هريرة مرفوعا ... , وعليه يمكن القول بالجمع بين الوجهين, ويكونان مسموعين عن الزهري ... ».

كذا قال الباحث, وصنيعه هذا من أبعد ما يكون عن قواعد النقد, فالوجه الموصول ضعيف عن الزهري, لو صح الطريق إلى موسى بن عقبة, والزبيدي, فكيف والراوي عنهما إسماعيل بن عياش؟ ثم زاد الباحث الطين بلة, فاتكأ على رواية عمر بن عبدالعزيز الموصولة لترجيح حفظ الموصول عن الزهري, ولا يصح هذا أبدا، فلا تنفع رواية عمر بن عبدالعزيز لانتشال ما هو ضعيف جدا عند الزهري, بل قد تزيده ضعفا, لأن الحديث إذا عرف واشتهر من رواية شخص,


(١) «سنن أبي داود» حديث (٣٥٢٠ - ٣٥٢٢) , و «المنتقى» حديث (٦٣٣) , و «علل ابن أبي حاتم» ١: ٣٨٣, ٣٨٨, و «الضعفاء الكبير» ١: ٨٩, و «سنن الدارقطني» ٣: ٢٩, ١٠٩.
(٢) «صحيح البخاري» حديث (٢٤٢٠)، و «صحيح مسلم» (١٥٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>