شيء منها في الفصول السابقة, فقد يكون الترجيح مبنيا على حال رواة الوجه الراجح ورواة الوجه المرجوح.
ومن ذلك ما تقدم في المبحث الثاني من الفصل الثاني من هذا الباب، وهو الحديث الذي يرويه محمد بن فضيل، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، مرفوعا:«إن للصلاة أولا وآخرا ... » الحديث، فمحمد بن فضيل ثقة معروف، ولكن في روايته عن الأعمش كلام يسير، وبعد النظر في الطرق الأخرى تبين أنه قد غلط على الأعمش، وأن الأعمش لا يرويه عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وإنما يرويه عن مجاهد مرسلا، قال:«كان يقال: إن للصلاة أولا وآخرا ... » الحديث، هكذا رواه الجماعة من أصحاب الأعمش.
فنقول عن إسناد حديث أبي هريرة: فيه محمد بن فضيل، وفي روايته عن الأعمش كلام يسير لبعض النقاد، وقد خالفه الجماعة من أصحاب الأعمش، فحديثه معلول.
ومثاله أيضا ما ذكره ابن أبي حاتم، قال:«سألت أبي، وأبا زرعة، عن حديث رواه بقية، عن سعيد بن أبي سعيد، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحتجم وهو صائم».
فقالا: هو سعيد بن عبدالجبار، عن أبي جزي، عن هشام، والحديث حديث هشام، عن أبيه:«أنه كان يحتجم وهو صائم»، وأبو جزي ضعيف الحديث» (١).
(١) «علل ابن أبي حاتم» ١: ٢٥٢, وحديث هشام , عن أبيه من فعله أخرجه ابن أبي شيبة ٣: ٥٣, عن عبيدالله بن موسى, وأبي أسامة, عن هشام بن عروة.