أبا ذر رضي الله عنه يقسم: نزلت هؤلاء الآيات في هؤلاء الستة ... ».
وهذه النتيجة في تحرير الاختلاف على سليمان التيمي، ثم على أبي مجلز، طريقة البخاري، والبزار، فيما يظهر من عرضهما للاختلاف حين أخرجا الحديث، وكذلك نص عليها الدارقطني في «العلل».
وذهب الدارقطني في «التتبع» إلى القول باضطراب الحديث، بعد أن ساق بعض أوجه الاختلاف فيه، وقوله الذي وافق فيه البخاري, والبزار أولى، فالقول بحفظ وجهين عن قيس بن عباد ممكن جدا بلا تكلف، فسليمان التيمي، وأبي هاشم الرماني، ترجح عن كل واحد منهما بقوة وجه واحد، والذي يظهر أن الوجهين محفوظان عن أبي مجلز، بالنظر إلى ثقة رواييهما، وجلالتهما، وبالنظر كذلك إلى صفة روايتهما، ففي رواية أبي هاشم، عن أبي مجلز قول قيس بن عباد: سمعت أبا ذر يقسم أن هذه الآية نزلت فيهم، فهذا يدل على أن ذكر أبي ذر محفوظ، وأما رواية سليمان فإن قيس بن عباد يذكر لأبي مجلز قول علي:«أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة»، ثم ذكر قيس قصة نزول الآية مرسلة، لأنه لم يسمع ذلك من علي، وإنما سمعها من أبي ذر (١).
والشاهد هنا أن الذي ترجح في الاختلاف الأساس -وهو الاختلاف على سليمان التيمي- وجه واحد وهو الإرسال، ثم ترجح في الاختلاف الأعلى -وهو
(١) انظر: «علل الدارقطني» ٤: ١٠٠ - ١٠١، و «التتبع» ص ٤٧٤، و «هدي الساري» ص ٣٧٢، ورسالة «الأحاديث التي ذكر البزار علتها في مسنده» حديث (٢٥).