الترجيح، فقد يترجح الوجه الذي كان مرجوحا، وقد يترجح حفظ الوجهين جميعا.
وفي أحيان كثيرة لا يجد الباحث طرقا أخرى خارج المدار يستعين بها في النظر والموازنة، فتبقى النتيجة على حالها.
ويتركب مما تقدم صور كثيرة لا حصر لها، في حاصل نتيجة النظر في المدار، وفي الطرق خارج المدار، وسأذكر الآن أمثلة لما تقدم، غير أني سأقتصر على بعض هذه الصور خشية الإطالة.
فمن ذلك حديث سعد بن إبراهيم الماضي في المبحث الأول من الفصل الثاني من هذا الباب، وهو ما رواه سعد, عن الزهري، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، ورواه مرة أخرى عن الزهري مرسلا، وكلتا الروايتين ثابتة عنه، والرواية بذكر أبي الطفيل حدث بها من حفظه فهي غلط إذن, والراجح الإرسال.
وقد تأيد هذا بأن أصحاب الزهري الآخرين رووه عنه بالإرسال، فقد ذكر الدارقطني أن معمرا وغيره رووه عن الزهري مرسلا (١).
وكذلك الحديث الماضي في المبحث المشار إليه، وهو حديث سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة مرفوعا:«من صام رمضان إيمانا واحتسابا ... » الحديث، فقد تقدم هناك أن سفيان يتردد فيه، فيرويه هكذا في أكثر أحيانه، وربما رواه بلفظ:«من قام رمضان ... ».
ولم يترجح بالنظر لحال سفيان شيء منهما، اللهم إلا أن يقال إن سفيان مع تردده يميل إلى أنه حفظه عن الزهري باللفظ الأول، ولهذا فهو يذكره في الغالب.