للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث، فإن وجدت بيننا خلافا في علته فاعلم أن كلا منا تكلم على مراده، وإن وجدت الكلمة متفقة فاعلم حقيقة هذا العلم، قال: ففعل الرجل، فاتفقت كلمتهم عليه، فقال: أشهد أن هذا العلم إلهام» (١).

وإبرازا لجلالة هؤلاء الأئمة النقاد في هذا العلم وتميزهم، وأنه لا يقاربهم ولا يدانيهم أحد ممن جاء بعدهم - فقد توارد الأئمة بعدهم على الثناء عليهم، وتأكيد اختصاصهم بهذا الفن، فمن ذلك قول ابن منده: «إنما خص الله بمعرفة هذه الأخبار نفرا يسيرا ممن يدعي علم الحديث، فأما سائر الناس من يدعي كثرة كتابة الحديث، أو متفقه في علم الشافعي، وأبي حنفية، أو متتبع لكلام الحارث المحاسبي، والجنيد، وذي النون، وأهل الخواطر، فليس لهم أن يتكلموا في شيء من علم الحديث، إلا من أخذه عن أهله، وأهل المعرفة به، فحينئذ يتكلم بمعرفته» (٢).

وقال العلائي لما ذكر حديثا له علة خفية كشفها أحد أئمة الحديث: «وبهذا يتبين أن التعليل أمر خفي، لا يقوم به إلا نقاد أئمة الحديث، دون الفقهاء الذين لا اطلاع لهم على طرقه وخفاياها» (٣).

وقال ابن كثير في حديثه عن علم (العلل): «هو فن خفي على كثير من علماء الحديث، حتى قال بعض حفاظهم: معرفتنا بهذا كهانة عند الجاهل.


(١) «معرفة علوم الحديث» ص ١١٣، و «الجامع لأخلاق الراوي» ٢: ٢٥٦.
(٢) «شرح علل الترمذي» ١: ٣٣٩.
(٣) «النكت على كتاب ابن الصلاح» ٢: ٧١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>