للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأدلة، هذا مع اتفاق الفقهاء على الرجوع إليهم في التعديل والتجريح، كما اتفقوا على الرجوع في كل فن إلى أهله، ومن تعاطى تحرير فن غير فنه فهو متعني.

فالله تعالى بلطيف عنايته أقام لعلم الحديث رجالا نقادا تفرغوا له، وأفنوا أعمارهم في تحصيله، والبحث عن غوامضه وعلله، ورجاله، ومعرفة مراتبهم في القوة واللين، فتقليدهم، والمشي وراءهم، وإمعان النظر في تواليفهم، وكثرة مجالسة حفاظ الوقت، مع الفهم وجودة التصور، ومداومة الاشتغال، وملازمة التقوى والتواضع - يوجب لك إن شاء الله معرفة السنن النبوية، ولا قوة إلا بالله» (١).

وعلى هذا فما يذكره الأئمة المتأخرون من حث طلبة الحديث على إدامة النظر والقراءة في كتب أئمة النقد، وملاحظة كلامهم وأحكامهم ونقدهم، لمشاركتهم في هذا العلم، يتحدد المقصود به في حدود الدرجات الخمس الأولى التي يستفيدها المتأخر من معرفته للمرجحات بين الرواة حين الاختلاف، وهي المرجحات التي يمكنه تطبيقها والاستفادة منها، وأما الدرجة السادسة فيكون الباحث منها على حذر شديد وليعرف قدر نفسه، فرحم الله امرءا عرف ذلك.

ومن تلك الكلمات التي أعنيها كلمة ابن رجب الماضية في التمهيد أيضا، قال: «ولا بد في هذا العلم (يعني علم العلل) من طول الممارسة، وكثرة المذاكرة، فإذا عدم المذاكرة به فليكثر طالبه المطالعه في كلام الأئمة العارفين، كيحيى القطان، ومن تلقى عنه كأحمد، وابن المديني، وغيرهما، فمن رزق مطالعة ذلك، وفهمه،


(١) «فتح المغيث» ١: ٢٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>