للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقلها القومية العربية مع اتحاد البربر مع قومية المستوطنين كما اتخذت حركة "التجزئة" وسيلة بالغة الخطورة ين عزلت المغرب العربي عن المشرق العربي وعمدت إلى اقفال أبوابه ثقافيا واقتصاديا عن باقى أجزاء الأمة في آسيا.

كما حالت بين الأجزاء الثلاثة: تونس والجزائر ومراكش بعضها عن الآخر، وأقامت في كل اقليم سياسة وثقافة وخطط استعمار تختلف عما اتخذته في القطر الآخر، ولم يستطيع المثقفون في الأقطار الثلاثة الالتقاء الا في القاهرة لارتياد الأزهر أو في باريس.

***

[(حركة المقاومة ورد الفعل)]

وقد قاوم المغرب بأقطاره الثلاث هذه الدعوات وحطمها في جهاد طويل ممتد وكان عبد العزيز الثعالبى (تونس) هو رائد دعوة الوحدة العربية والربط بين المغرب والعالم العربي وقد قام بحملات متعددة في القاهرة ودمشق وبغداد ودعا إلى توحيد الثقافة بين البلاد العربية وهاجم في القاهرة بعنف أساليب التجزئة والتغريب والتجنيس والفرنسية التي تصطنعها فرنسا في الشمال الافريقى كما قام المغاربة الذين التجئوا إلى الاستماتة برفع صوت المغرب عاليا ضمن الجامعة الإسلامية، وقد كان للشيخ على باشا حنبه والشيخ العنابي أثرهما الكبير في الدعوة للشخصية العربية المغربية في السويد والدانمرك والنرويج وقد عقد لذلك مؤتمر في استكهولم ١٩١٧.

كما كان لعبد الحميد بن باديس وجمعية العلماء في الجزائر التي قام عليها، أثرها الكبير في مقاومة هذا الاتجاه وذلك بمكافحة البدع والخرافات ومهاجمة "الأيدلوجية" التي أقامتها حملات التغريب لتجزئة المغرب وفصل العرب عن البربر فقد دعم اللغة العربية بانشاء المدارس العربية في المساجد والزوايا.

وكذلك قامت حركة "رد الفعل" والمقاومة للغزو الفكرى على أساس علمى صحيح قوامه العقل والاستقراء فهدمت كل النظريات التي قدمها الغرب وكشفت كيف أن عنصرى الأمة (البربر والعرب) قد امتزجا منذ ألف وأربعمائة عام وأن الفوارق المختلفة قد ذابت كلها ولم يبق لها وجود حى وأن أطلاق اسم البربر أنما جاء نتيجة لانقسام الدولة الرومانية بعد وفاة الامبراطور (ثيودوسيرس) عام ٢٨٨ م بين بيزنطة وروما، وكان من نصيب بيزنظة ما يعرف الآن بالجبل الأخضر من ولاية بنى غازى إلى مصر، أما باقى أفريقيا فقد كان من نصيب روما وقد أشار البستانى في دائرة معارفه إلى لفظ (البربر) وقال أنه مأخوذ من لفظ (ورورا) باللغة السنسكريتية ومعناه غريب. ولم يكن لفظ خاص بأمة خاصة بل أطلقه اليونانيون على من لم يتكلم لغتهم وبه سمو ايطاليا (بربار) ثم اخذه الرومان وأطلقوا على من لم يتكلم اليوناينية اللاتينية.

وقد جرى تقارب اللغتين العربية والبربرية إلى حد كبير يدركه من له المام بهما.

٣ - وكان للحركة السلفية في مراكش بقيادة "محمد بن العربي العلوى" دورها كرد فعل على احتضان حركة التجزئة والغزو الفكرى لمشايخ الطرق. وقد حملت الحركة السلفية لواء عملين هامين في محيط الفكر العربي هما:

(١) التحرر والجهاد ومقاومة الاستعمار، ودعوة الشعب إلى العلم والاصلاح ومقاومة الجمود وتحطيم الخرافات وتربية الشخصية الإسلامية على مبادئ الإسلام (٢) وتكوين وحدة سياسية تحت لواء الروابط الثقافية والعقائدية. كما دعت الحركة السلفية إلى مقاومة الاقليمية والتجزئة وجعل اللغة العربية صالحة لأن تكون لسان العالم العربي كله وصلة الوصل بين سائر أفراده.

***

[الرد على النظرية البربرية]

وقد كان مجمل الرد على النظرية البربرية قائما على أساس ما اتفق عليه النبايون من أن القبائل البربرية ترجع إلى أرومتين مهمتين، وهما يرنس وما دغبش. بحوث لا يوجد بين البرابرة من يخرج عن هذين الأصلين. فهما اما برانس كالمصامدة وصنهاجه وكنامه أو بتر كنقوسة وضريبيه. وقد ذكر المؤرخون أن البرانس من واد مازيع بين كنعان بن حام وان البتر من ذرية بربن قيس، وأن قبائل البربر كانت تسكن الشام وتجاور العرب في المساكن والأسواق، فازداد العنصران امتزاجا وتداخلا منذ أقدم العصور، فالبتر عرب مصريون والبرانس أغلبهم من عرب اليمن. ونص كثير من

<<  <   >  >>