سمع فيها المستشرق (ماسنيون) تقول: أن اللغة العربية تذهب إلى المقصود رأسا بينما اللغات الأوربية لا تصل إلى ذلك الا تدريجيا. ثم قال ماسنيون: انما توشك أن تشرف على الخطر اذا لم يسعفها المصلحون بما تقوم من ضعفها، وعلى العلل في نظره هى الحروف العربية وما يدخل عليها من تغير في الرسم وتغيير في الحركات يضيع المتعلم فيهما شطرا كبيرا من عمره، ودعا إلى ان ترسم اللغة العربية بالحروف اللاتينية فلا تبقى ثمة حاجة إلى شكل الحروف لتعرف حركاتها.
وقال عبد القادر حمزة: أن نزوع الترك في كتابة لغتهم بالحروف اللاتينية هو الذي يقذف بهذه الفكرة على اللغة العربية بحروفها الحالية حملت مدنية كاملة ملأت بها جوانب الأرض في مئات قليلة من السنين. وقد قطعت أدوارا فلم تجمد في واحد منها ولم تهن بل تطورت في كل دور بما يناسبه، فالذين يقولون انها بحروفها الحالية أداة غير صالحة ينكرون حقيقة أثبتتها عدة قرون وهى ان الحروف التي ينتقصونها تمتاز على الحروف اللاتينية بأنها مشبكة والكتابة بها اسرع.
***
[عظمة اللغة العربية]
وقد دافع كثيرون من الكتاب والمفكرين عن "اللغة العربية" وكشفوا عن مفاهيمها وحقيقتها التي انكرها الغزو الثقافي وحرص على انكارها ليتوصل بذلك إلى التقليل من شأنها والسخرية بها.
وقد أجمعوا على عظمة اتساع اللغة العربية وكثرة ألفاظها وتعدد معانيها وقد أمكن حصر مائة ألف مادة من كلامها مما لا يمكن معه وصفها بالقصور.
٢ - يتسع مجالها لأغراض الكتابة وفنون البلاغة: من اطناب وايجاز وتصريح وتلميح واستعارة.
٣ - خاضت معركة الترجمة من اليونانية والهندية ابان دولة الأمويين والعباسيين حيث استطاعت أن تستوعب كتب الطب والحكمة والحيوان والنبات والكيمياء والحيل والرياضيات والفلك مما لا يقع تحت حصر، ولم يستعص عليها أي: مصطلح، وقد وصف الدكتور أحمد عيسى كيف كانوا يحرصون على اللفظ اليونانى فيهندمونه بحسب أوزان اللغة العربية اذا كان للفظ مكانا ومعنى خاصا مع وجود لفظ عربي فصيح يقابله فقالوا (قاطيعو رياس وطوبيقا وبارمنياس وبويطيقا وأنا لوطيقا) وعندهم لفظ المقولة والجدل والعبارة والشعر والخطابة ... ) ونقلوا كتب التشريح والنبات مما لم يجدو له في لغتهم مقابلا فعربوه وادمجوه في لغتهم.
٢ - وتختلف اللغة العربية عن اللغات الأخرى في النمو والتطور، فقد ظهرت فجأة في شبابها دون أن تمر بعهد الطفولة وقد حققت خصائصها الأصيلة رغم اختلاطها باللغات الأخرى.
٣ - جمعت جميع الأحرف التي في اللغات الأعجمية. ولها ستة أحرف لم تجتمع لغيرها من اللغات وهى المجموعة في (تخذ - صظغ)
٤ - عاشت قرابة الألف وخمسمائة سنة وهى تؤدى مهمتها أداة الخطابة والكتابة والصحافة. وهو ما يعد معجزة من عالم اللغات.
***
[اللغة العربية والاستعمار]
ولم يقف الاستعمار في معركته مع اللغة العربية عند حملاته عليها، بل حرص على اقصائها عن المحاكم والبنوك والمصالح وفرض لغته بدلا منها، كما عمل على اهمال اللغة العربية في الأوسط المختلفة، وغلب عليها اللغات الأجنبية، وفي الأحاديث العامة ظهرت الكلمات الأجنبية على الألسن كجزء من مركب النقص في تقليد الغالب، وقد بلغ الأمر أن فرض على أصحاب المصالح وهم في بلادهم أن يكتبوا رسائلهم وطلباتهم إلى بعض الجهات باللغات الاجنبية. وأن يتلقى الوطنيون خطابات من هذه الجهات بلغاتها الأجنبية.
كما نعت الصحف على المصريين والشرقيين الذين يعرفون العربية انهم يتكلمون باللغات الأوربية فيما بينهم .. ولم يقع هذا في مصر وحدها بل كان سمة بالغة للفترة كلها في مختلف بلاد العالم العربي المحتلة.
وقد ذكرت جريدة الجهاد (١٠/ ٩/١٩٣٤) ان وزارة المالية توافيها بياناتها الاحصائية مكتوبة بلغة أجنبية.
وأشارت جريدة مصر ١٩/ ٤/١٩٣٤ (أن الشركات