للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بدأت من العقبة حتى دخول الجيش البريطانى إلى القدس ودمشق، وكان له دوره في خداع العرب عن حقائق الموقف وعن المؤامرة التي كانت تدبر له بتقسيم وطنهم واهمال المقررات التي تم الاتفاق عليها بين مكماهون والشريف حسين وبذلك ضاعت آمالهم في قيام دولة عربية.

وقد خدع العرب بزيه وعقاله، وتحدثه باللهجة العربية المنتشرة في قلب جزيرة العرب. وفضح بكتابة أعمدة الحكمة السبع حقيقة مشاعره نحو العرب ورماهم بكل نقيصة وقال: لو كنت ناصحا أمينا للعرب لقلت لهم (لا تحاربوا).

واشترك لورنس في تقسيم العالم مع "تشرشل" واقامة الصهيونية في فلسطين ودخول فرنسا دمشق واخراج فيصل ثم اختياره لعرش العراق والتمهيد له بانشاء امارة شرق الأردن للأمير عبد الله.

وكانت مهمة جلوب في الأردن الاتصال بالبدو والأعراب واجتياز الصحراء شرقا وغربا، ولذلك فقد أجاد اللغة العربية الفصحى ولهجات القبائل المختلفة وعادات العرب واستطاع اكتساب ثقة الأعراب الذين يجوبون الصحراء وقد نجح في حجزهم عن الاتصال بالثورة في فلسطين.

***

[٤ - العملاء]

وكان العملاء في المنطقة من أعوان الاستعمار وأدواته. وعن طريقهم حكم وتسلط وضرب الوطنيين. ويعد سلطان باشا في مصر نموذجا لهؤلاء العملاء فهو الذي مهد للجيش البريطانى الزحف على القتل الكبير وصاحب الأعراب الذين كشفوا الطريق لمعسكر عرابى في التل الكبير. وكاتب بعض مشايخ العرب والعمد، ومن لهم شأن يمنيهم بالخلع والرتب والأوسمة. ومنحته الحكومة عشرة آلاف جنيه وكافأته الحكومة الانجليزية بنيشان القديسين: جورج وميشيل ووضعه على صدره السرمالت قنصل الانجليز بالنيابة عن جلالة الملكة فيكتوريا.

وقد وصفه الشيخ محمد عبده في مذكراته: بأنه الهمام الوطنى الذي أوقد نار الفتنة في البلاد وجمع لها وقودها وحطبها حتى امتد لهيبها وعم جميع الأنحاء ثم هرب من طريقها عندما خاف أن يلدغه لسان لهيبها، وجاء في آخر الأمر نائبا عن الحضرة الخديوية في حبس كثير من الناس ولم يفرق بين الأبرياء وغيرهم ونال المكافآة من الجناب العالى بالاحسان جزاء ايقاد الفتنة ثم الهرب منها".

ومن عملاء بريطانيا من الوزراء: حسين رشدى الذي دفع مصر في الحرب العالمية الأولى إلى جانب الانجليز وجند مليونى عامل مصري في ساحات القتال واقتطع غلات المصريين وأقواتهم ليمون بها جيوش صاحب الجلالة البريطانية وحلفائه وعمل على تقييد أسعار القطن. وقدمت مصر ملايين الجنيهات إلى بريطانيا، واعادة الموظفين الانجليزيين بأضخم المرتبات والاستغناء عن بعض الموظفين الانجليز مقابل غرامة باسم التعويضات التي كلفت مصر ملايين الجنيهات وفتح أعمال المنشآت الجديدة لخدمة بعض المصالح الانجليزية وتقديم الاحتكارات والرخص والامتيازات والاعانات للشركات الانجليزية في مصر وتسخير التعريفة الجمركية لخدمة التجارة الانجليزية في مصر على حساب المصريين والتسليم للانجليز باقتطاع الأراضى المصرية لها تارة ولحليفتها ايطاليا تارة أخرى.

***

[٥ - الأحزاب]

كانت الأحزاب السياسية في العالم العربي أداة من أدوات الاستعمار فان الدعوات الوطنية إلى مقاومة الاستعمار التي بزغت في العالم العربي بصفة عامة وفي الأقطار المختلفة لم تكن في حقيقتها أحزابا ولكنها كانت قوى وطنية كاملة، غير أن الاستعمار حرص على أن يسبق فيجمع أعوانه من كبار الاقطاعيين وأصحاب الأرض والمال في أحزاب قوية تصدر الصحف وتجهر بدعوتها في وضوح. ولم تكن هذه الدعوة مكشوفة لتأييد الاستعمار، ولكنها كانت لبقة تدعو إلى تغليب العقل على العاطفة، ومحاولة الاستفادة من كسب كل ما يعطيه المحتل، ولذلك فان محاسنته عندهم هى الطريق الصحيح وليس الطريق الآخر القائم على العاطفة من ناحية والتطرف في المطالبة بالجلاء الكامل.

وفي مصر عندما التف المصريون حول "مصطفى كامل" أسرع كرومر بانشاء حزب الأمة وأصدر صحيفة الجريدة التي دعت إلى التعقيل والمحاسنة.

<<  <   >  >>