للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كسب عطفها. والتماس أسباب الزلفى لها بتقديم القرابين وقالوا أن الروحانيات مثاليات نظرية، قد ألغت الثورة الشيوعية العلاقة بين الكنيسة والدولة فأصدرت في ٢٣/ ١/١٩١٨ مرسوما أعلن فصل الكنيسة عن الدولة وفصل المدرسة عن الكنيسة وحظر التعليم الدينى في جميع المدارس وعزل الشرائع السماوية وحجبها عن علاقات المجتمع وعزل الشرائع السماوية وحجبها عن الشيوعية: أن الدين أفيون الشعب واذن فلا حقيقة هناك الا المادة، وقد كانت الحرب ضد الدين من أبرز أعمال الثقافة الشيوعية.

وقد نقدت الديانات والكنائس والمنظمات الدينية وقالت: أن الله (تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا) قد مات وأن البحث عنه لا فائدة منه.

***

[الحرية]

وعارض الفكر العربي نظرة الشيوعية إلى الحرية اذ جند الفكر الشيوعى كله في سبيل تأكيد النظرية الشيوعية دون أى سماح بنقد في أى فرع أو فصيلة أو تصرف من تصرفاتها مهما كان.

ويتجه نظام التربية والتعليم إلى الثقافة في ظل النظرية الشيوعية ولا تتداول الا الكتب التي يسمح بها الحزب الشيوعي، والصحف التي يصدرها الحزب، والكتابة التي تنشر ما يؤيد النظرية ولا يوجد أدب حر وتوجه أبحاث التاريخ والعلوم الطبيعية والمسرح والسينما توجيها شيوعيا وتوقف على أغراض الشيوعية، وقد صور التاريخ ونقح للتمشى مع أغراض الحزب. كما منعت أى ثقافات أجنبية معارضة للشيوعية، أما في نظام الأسرة فقد قام على الانحلال. والعلاقة بين الرجل والمرأة تسير مع المفهوم الاقتصادى المادى للمجتمع. وقد ألغى وضع الزوج كرأس للعائلة وانعدام الحب. وبقى نظام الطبقات والتفاوت.

[بين الغربية المسيحية والشيوعية]

وهكذا وقف الفكر العربي الإسلامي موقفا واحدا بين النظرية الغربية المسيحية والنظرية الشرقية الشيوعية. فقد كانت النظرية الشيوعية امتدادا متطرفا للفكر الغربي نفسه الذي أعلن الايمان بالمادية واقصاء الدين عن المجتمع وانكار العقائد والروحيات.

فلم يكن هناك خلاف في أن الدعوتين تغريب للأمة الإسلامية. وأن خلافهما في المفهوم الاقتصادى هو في ناحيته يختلف مع مفهوم الفكر العربي الإسلامي، فقد عرف هذا الفكر منذ قديم الاشتراكية الإسلامية والعدل الاجتماعى والزكاة والتكافل الاجتماعى على نحو ليس في غلو الرأسمالية الغربية ولا عنف الشيوعية الشرقية.

وتساءل الفكر العربي الإسلامي: هل تتفق الشيوعية مع بلادنا وشخصيتنا كما تساءل من قبل بالنسبة للأنظمة الغربية التي اضطر إلى نقلها تحت ضغط الاستعمار المسيطر على البلاد والذى فرض هذه الأنظمة: فرض دون مراعاة فوارق الزمن والحاجة والتطرو والثقافة والمفاهيم العامة.

وقد وقف الفكر الغربي موقف المعارضة للرأسمالية الغربية والشيوعية الماركسية معا، وأنكر هدف الرأسمالية الأساسى من السيطرة على البلاد العربية. واستغلالها واعتصار ثرواتها واتخاذها مصدرا للخامات وسوقا للانتاج. كما وقف موقف المعارضة للشيوعية الماركسية وأنكر هدفها الأساسى من تدمير أنظمته الاجتماعية والاقتصادية لاقامة حكومات تابعة للشيوعية الدولية.

وقد أيقظت الدعوة الشيوعية في الفكر العربي الإسلامي مقوماته الأصلية وفق نظرية "التحدى ورد الفعل" فبدأ يراجع تراثه ويستخرج منه ما فيه من قيم تتصل بالاشتراكية الإسلامية في التقريب بين الطبقات وتحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء على الفقر، وكان في استطاعته أن يحقق نتائج باهرة لولا أن الاستعمار الغربي كان يحاول دون تغيير نظام الاقطاع والملكية والاستبداد والاستغلال وسيطرة رؤوس الأموال الغربية وتجميد مواقف المجتمع والاقتصاد والفكر في اتجاه غربي له مظهر ديمقراطى اسما مع التبعية الواضحة في المحاولة.

وقال الفكر العربي الإسلامي: أنه ليس أخطرعلى أمة من أن تنقل مذهب أمة أخرى دون النظر إلى طبيعتها وحاجتها وذوقها وروحها.

ولم يمانع الفكر العربي الإسلامي من أن "يقتبس" من أنظمة الرأسمالية والشيوعية ما يزيده قوة على المحافظة على شخصية ومقوماته ويحقق له الاندفاع في طريق القوة والحياة.

<<  <   >  >>