يقظة الفكر العربي الإسلامي
كانت الفترة التي سيطر فيها الأتراك العثمانيون على العالم الإسلامي فترة خمود للفكر العربي الإسلامي بصفة عامة، اذ لم يكن للفكر العربي ملامح خاصة يتميز بها. فقد دخلت العرب في نطاق الامبراطورية العثمانية ١٥١٧ واستمروا حتى عام ١٩١٧ أى أنها أمضت أربعمائة سنة في نطاق الامبراطورية التركية التي بدأت تهوى إلى الضعف منذ عام ١٨٦٣ عندما أغار الاتراك على أسوار " فىينا " وارتدوا عنها مهزومين، وكانت هذه أول هزيمة لهم فتحت أعين الغرب على ضعف الامبراطورية مما حمله على مواصلة الحملات عليها وفتح عينه على بدء معركة الانقضاض والغزو.
واذا كان الغزو الأدبى للشرق قد بدأ بوصول فاسكودى جاما إلى الهند (مايو ١٤٩٨) ومن ثم بدأت هزيمة الوحدات البحرية العربية وتحطمت أساطيل العرب التجارية في المحيط الهندى، فان انتصار العثمانيين في حكم المنطقة وحمل لواء الزعامة السياسية والثقافية والدينية قد أخر الاصطدام إلى ما بعد ذلكن غير أن الغرب لم يتوقف عن الغزو وذلك بمحاولة حصول دوله على امتيازات في مختلفة أقطار الامبارطورية العثمانية تكمل للتجار سلامة أشخاصهم وأملاكهم ثم اتسعت هذه الامتيازات حتى أصبحت سلطانا ضخما لا سبيل إلى مراجعته، لها محاكهما وسلطانها وقد تغلغل الفرنسيون قبل غيرهم في العالم العربي.
واذا قيل أن حركة الثقافة الأوربية قد بدأت بحملة نابليون على مصر (١٨٩٨) أو من قبلها بوصول الجمعيات التبشرية الفرنسية ١٨٤٧ والأمريكية ١٨٦٨ إلى بيروت واليها تنسب يقظة الفكر العربي فاننا نرى أن اليقظة الفكرية قد سبقت هذا الغزو الفكرى الغربي بأمد طويل حيث بدأت بدعوة محمد بن عبد الوهاب إلى تجديد الدين والعودة إلى بساطته الأولى. واذا كان عبد الوهاب قد ولد سنة ١٧٠٣. وقام بدعوته في حدود الأربعين فأن يقظة الفكر العربي تكون قد بدأت قبل وصول الجمعيات التبشرية الأوربية بمائة عام على الأقل. وقد كانت هذه الدعوة الفكرية السياسية بعيدة المدى في تحرير الفكرى
العربي ويقظته، ولا سيما بعد أن أتيح لها أن تتحول إلى دولة فتية كان لها أغارات على حدود الشام والعراق.
كانت يقظة الفكر العربي الإسلامي منصبة على تأكيد الحقائق الأساسية للفكر الذي قامت عليها الحضارة الإسلامية. وهى في موجزها تتمثل في مبادئ محددة صريحة:
كرامة الانسان وحريته.
امتزاج الروحية بالمادية. والعمل لليوم والغد معا.
قل هاتوا برهانكم في كل قضية " مبدأ سياسية السقل والعلم ".
حفظ التراث وتجديده.
تجديد الفكر بالغربلة واقصاء القشور والاجتهاد والموائمة مع التطور والزمن والبيئة.
تكريم الطوائف المختلفة ورعايتها.
اقامة عملية الصهر والوحدة واقامة الكيان الموحد.
حماية الوطن والحضارة والتسلح واليقظة للعدو.
المقاومة واعتبار الدفاع عن الوطن دفاع عن العرض.
تغليب السلام والأخوة والمحبة وعدم العدوان.
الدعوة إلى العدل الاجتماعى ومساوة الأجناس والمفاضلة بالعمل والتضامن الاجتماعى.
الشورى وقبول الآراء المختلفة ودراستها.
ولقد كانت دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب إلى التجديد الفكرى الإسلامي وقيام هذه الدعوة من قلب الجزيرة العربية بالذات عاملا ضخما في هذه الفترة الدقيقة بالذات، لاسيما اذا ربطنا هذا بأن العالم الإسلامي قد