-٤ -
التعليم
ركز الاستعمار في أكبر جانب من حملة التغريب على التعليم وركز الغزو الثقافي أساسا على محاولة تغيير مناهج التعليم في العالم العربي كوسيلة لدعم الاستعمار وبقائه يخلق جيل جديد من الشباب يصل إلى مقاعد الحكم يؤمن بصداقة الغرب، ولذلك عمد إلى تشكيله على نحو "مستغرب" قليل الصلة بالتراث العربي، بعيد عن مفاهيم الحرية والكرامة والقوة التي تبثها تعاليم الإسلام، منكرا لروابط الدين واللغة العربية والتاريخ العربي، معلق الطرف بأمجاد أوربا وعظمة حضارة الغرب، ساخرا مستخفا بأمجاد الإسلام، وقد ركز الاستعمار على تحقيق هذه الغاية في التعليم بوسائل متعددة:
*انشاء مدارس الارساليات الأجنبية والطوائف الدينية المختلفة.
*تجميد الجامعات الدينية الكبرى وخلق نظم دراسية مدنية مستقلة ومنفصلة عنها.
*قصر التعليم على أبناء الأغنياء وحدهم الذين يدفعون المصروفات والغاء المجانية وحرمان الفقراء من التعليم نهائيا.
*وضع برامج مغربة تهدف إلى تخريج موظفين فقط.
*التوسع في انشاء الكتاتيب والحيلولة دون انشاء التعليم العالى.
*القضاء على اللغة العربية بادخال لغة المحتل وجعلها اللغة الأساسية في مختلف علوم الدراسة.
*الغاء تدريس الدين الإسلامي نهائيا. ودراسة فلسفات ترتبط بالأديان البائدة واليهودية والمسيحية.
*تشويه التاريخ العربي بفض كتب بأقلام المستشرقين تقدم الإسلام على أنه دين السيف وترسم العرب صورة مزدراء.
*التوسع في دراسة تاريخ الدولة الفرنسية والدولة الانجليزية وتاريخ أوربا وحروبها وأبطالها.
وفي مصر كان خطأ محمد على أنه انفصل عن الأزهر وأنشأ تعليما مدنيا في حين أن جميع الجامعات الأوربية كانت جامعات دينية في أول الأمر ثم تحولت مدنية، بل أن الأمريكيين واليسوعيين حين أنشأ كل كليته في لبنان بدأت دينية لاهوتية محضة ثم تحولت مع الزمن إلى كلية عصرية.
غير أن سيطرة النفوذ الفرنسي على محمد على قد مكن الخبراء الفرنسيين الذين يحملون لواء دعوة التغريب والغزو الثقافي من أن يفوضوا انشاء تعليم مدنى لخلق ثنائية التعليم التي تؤدى إلى تخريج طوائف مختلفة الثقافة مما يؤدى إلى البلبلة والصراع وقد حدث هذا فعلا.
وفي تونس حيث توجد جامعة الزيتونة وفي المغرب حيث توجد جامعة القرويين وفي الجزار حيث توجد جامعة القيروان وكلها على نسق الأزهر حرص الاستعمار على تجميدها جميعا وانشاء أنظمة أخرى للتعليم لخلق هذه الثنائية أيضا وللقضاء على اللغة العربية.
***
[الاستعمار والتعليم]
حرصت الدولتان المستعمرتان (فرنسا وانجلترا) وتبعتهما ايطاليا في ليبيا - حرصت كل منهما على نشر ثقافتها ولغتها في الأقطار التي تحتلها باعتبار أن النفوذ الثقافي مقدمة للنفوذ السياسى.