للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المستبد وقبول الغزو الأجنبى، وهنا ما يختلف اختلافا بينا مع ما دعا اليه الإسلام من الجهاد ومقاومة الغاصب واليقظة والسعى في الأرض و ××× مجاهل العلم وكشف قوى الطبيعة والعمل المتصل.

ولا شك أن الطرق الصوفية في مذاهبها هذه تختلف أختلافا واضحا عن مذهب "التصوف العقلى أو الجسدى الذي دعا إلى رياضة النفس على قمع الشهوات ورفض الدنيا. فان هذا المذهب من شأنه أن يدفع المعلم إلى الجهاد في سبيل الله مفطومة نفسه عن كل لذة أو متعة تصرفه عن هذا الجهاد، مؤمنا بالاستشهاد في سبيل الحق الذي يؤمن به حيث يرى الدنيا لا تغريه، وهذا هو الفهم الصوفى الذي فهمه المجاهدون من المسلمين في الصدر الأول، أما الزهد بمعنى الانصراف عن الدنيا فهو ليس مذهبا في الإسلام".

وقد حرص دعاة التغريب من المبشرين والمستشرقين وأعوانهم من كتاب الغرب إلى البحث في الصوفية واثارة مذاهبها ودعاواها والحديث عن المتطرفين من دعاتها أمثال: السهروردى وأبن عربي والحلاج وعبد القادر الجيلانى، وهم في ذلك انما يهدفون إلى بلبة الفكر العربي واثارة مذاهب النجادية ومعقدة يقصدو من ورائها تصوير الإسلام بصورة غير صورته البسيطة السهلة، ومن ذلك مذهب الحلول ووحدة الوجود و"الشريعة والحقيقة" وغير ذلك من مذاهب كلامية لم تكن أصلا من الإسلام وانما أدخلت عليه من الفلسفات المسيجية والهندية واليونانية.

***

[دعوة الاجتهاد]

حمل الفكر العربي المعاصر لواء الدعوة إلى فتح باب الاجتهاد والعودة بالدين إلى متابعة الأولى كخطة لمقاومة حملات التغريب والغزو الثقافي وكوسيلة لاشاعة اليقظة والتحرر من قيود التقليد التي كانت عاملا أساسيا في تجميد الفكر خلال حكم العثمانيين.

وكان محمد بن عبد الوهاب أول من حمل هذا اللواء متأثرا بدعوة أحمد بن حنبل وابن تيمية. غير أن الوهابية لم تستطع أن تحرز المدى الواسع الكفيل باندفاعها، ثم جاءت دعوات من بعيد حملت هذا اللواء وانطلقت به إلى اقاليمها. كالمهدية والسنوسية "وغيرها"، غير أن جمال الدين الأفغانى كان أقوى من حمل هذا اللواء إلى العالم الإسلامي كله في كلماته القليلة وكتاباته النادرة، وفي مصر حمل اللواء من بعده محمد عبده ورشيد رضا والمراغنى، وتأثرت خطاه ××× فظهر بها الكواكبى والمغربي والعراق ××× بها أل الألوسى وفي المغرب برزت الدعوة إلى السلفية واحتلت ××× كبيرا من الفكر العربي كسلاح قوى لمقاومة الاستعمار والتغريب والغزو الثقافي والتبعية الثقافية للغرب.

***

[رأي الشيخ محمد عبده]

ويرى الكثيرون أن محمد عبده هو عماد التجديد والاصلاح الدينى في العصر الحديث (محمود الشرقاوى -١٥/ ١/٣٦ - البلاغ) فقد وضع في كتابه (الإسلام النصرانية) القاعدة حيث قال:

"عند النظر في أى دين للحكم له أو عليه في قضية من القضايا يجب أن يؤخذ ××× مما عرض عليه من بعض أهله او محدثاتهم التي ربما تكون قد جاءتهم من دين آخر، فاذا أريد أن يحتج بقول أو عمل لاتباع ذلك الدين في بيان بعض أصوله فليؤخذ في ذلك بقول أو عمل أقرب إلى منشأ الدين، ومن تلقوه على سذاجته من صاحب الدين نفسه".

ومن آراء محمد عبده في تعليم المرأة وتعدد الزوجات يقول "أن الإسلام يقرر المساواة بين الرجل والمرأة في جميع الأمور الجوهرية، وإن الإسلام لا تتجلى محاسنه باعتباره دين أنزل للناس كافة في شئ أكثر مما يتجلى في تكريمه للمرأة والاعتراف بما لها من مقام".

ويرى أن تجويز تعدد الزوجات في الإسلام كان لضرورات اجتماعيه جعلته محتوما، على هذه الاباحة قد شرطت لها شروط، وأحيطت بتحفظات هى مستحيلة استحالة عملية، وأن الزواج بواحدة هو الأصل وهو المثل الأعلى في الحياة الزوجية.

ويرى محمد عبده في مجال الاجتهاد أن للامام ان يمنع المباح الذي تترتب عليه مفسدة ما دامت المفسدة قائمة لله والمصلحة بخلافه، وعند محمود الشرقاوى: أن الشيخ محمد عبده يرى أن الشريعه ليست شيئا جامدا

<<  <   >  >>