للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والبنوك ما تزال مصرة على تدوين كل مراسلاتها وعقودها مع أبناء البلاد بغير لغتهم ولم تر - حتى المجاملة - ان تضع ملخصا باللغة العربية لعقودها ومراسلاتها كى يفهمها المستهلك الوطنى، وأن ذلك حدث ليس اعتمادا على سلطتها الأجنبية القائمة على احتكار مادة من المواد الحيوية بل لأن لها وحدها حق استعمال لغتها مهما كان هذا الاستعمال من الاستهانة بكرامة الأمم التي تعيش في دارها)

ويتصل بهذا اللافتات الموضوعة فوق المحلات والشركات والمخازن وكلها مكتوبة باللغات الأوربية وحدها.

***

[فى المحاكم المختلطة]

وقد ظل الاستعمار يحول بين اللغة العربية وبين حقها في المحاكم المختلطة مع أنها مقررة كاحدى اللغات الرسمية بهذه المحاكم منذ عام عام ١٨٧٥، غير ان قضاة هذه العهود من المصريين كانوا من الضعف بحيث أنهم لم يجرؤا على تحرير احكامهم باللغة العربية وظلت هذه الأحكام تصدر باللغة الفرنسية حتى جرؤ المستشار عبد السلام ذهنى (أبريل ١٩٣٤) فكتب ثلاثة أحكام باللغة العربية وتمكن من النطق بها باللغة العربية وذلك في جلسة ١٧ أبريل ١٩٣٤، وقد تمسك رئيس الدائرة السويسرى (هوربيه) دون الاعتراف، بها وقد ثارت لذلك ضجة كبرى فكان حدثا بعيد المدى أحدث أزمة دولية.

وقال عبد السلام ذهنى: أنه في تمسكه باللغة العربية انما يقوم بواجب قانونى وأن لهذا التمسك رابطته الوثيقة باحياء اللغة العربية وتكريم اللسان المصري القومى والترجمان العربي.

وقد دعا هذا مستشارا آخر هو محمد شكرى أن يقدم احكاما باللغة العربية في ١٧/ ١٢/١٩٣٤

وجرى الدفاع عن موقف المستشار ذهنى بأن النص في اللائحة المختلطة قد أشار باستعمار لغات أربع: هى العربية والفرنسية والايطالية والانجليزية، وقالت الأهرام: أنه لا شك جعل اللغة العربية في المرتبة الأولى يدل على أن المشروع قد قصد أن تكون اللغة العربية هى الأولى، واستتبع هذا البحث عن المرافعة باللغة العربية أمام المحاكم المختلطة - وقد اجاب وزير الحقانية في البرلمان بأنه ليس في القانون ما يمنع المحامى من المرافعة باللغة العربية أمام المحاكم المختلطة لأن هذه اللغة واللغات الثلاثة الأخرى مقررة رسميا امام هذه المحاكم، وقد عقد المحامون أمام المحاكم المختلطة اجتماعات عدة للمطالبة بجعل اللغة العربية هى لغة المرافعة غير أنه حال بينهم وبين ذلك أن القضاة لم يكونوا يعرفونها.

وأشار عزيز خانكى بهذه المناسبة إلى الضجة التي اثارها الأجانب عند ما ندب قاض مصري لرئاسة جلسة المحكمة المختلطة وكان من نتائجها الغاء الانتداب حالا ورفضت الدول الغربية ان يتولى القضاة المصريون رئاسة الجلسات.

وقد ارتبطت الدعوة إلى اعادة التابة باللغة العربية في المصالح والشركات بالدعوة الوطنية فقد كان تغلب اللغة الاجنبية على اللغة العربية في هذه المجالات امتهانا للكرامة القومية.

وفي سوريا انبعثت الدعوة إلى أن اللغة العربية هى حصن منيع للوحدة القومية فقد تحدث عبد الرحمن شهبندر في هذا المعنى في القاهرة (٢٩ أبريل ١٩٢٩) وحذر من أن مدنية العرب مهددة بالاكتساح، كما اكتسحت أشرف تعاليمهم وأن الخطر الذي يهدد الثقافة العربية يجئ من ناحية اللغة العربية التي هى رمز المجتمع والذى وصفها "بلاكما روجيلين" بأنها أدت وظيفة مهمة في التنظيم الاجتماعى. وقال أن من خنق اللغة فقد خنق نفسه لأنها هى اداة التنفس الوحيدة للأمة.

***

[اصلاح اللغة العربية]

وقد استبع هذا الاتجاه، البحث في اصلاح اللغة العربية واعدادها بحيث يقضى على ما يثار حولها من عجز وقصور وذلك بالتقريب بين العامية والعربية وتيسير قواعد اللغة العربية، ودعا أحمد امين إلى تيسير التعريف والاشتقاق والقياس والتخفف من المفردات العسير الفهم وخاصة اعدام الكلمات الحوشية التي يمجها الذوق السليم، ودعا المازنى إلى ايثار الكلمة الشائعة بعد تصحيحها وازالة تحريفها وقال ان من الغلو المعيب ان حاول تطهير اللغة العربية من كل لفظ دخيل.

<<  <   >  >>