والحضارة، وأن الضعف الذي أصاب الأمة كان مصدره العوامل المختلفة التي تتصل بالجمهود واقفال باب الاجتهاد وغلبة البدع والفتور والتواكل وخطأ فهم عقيدة القضاء والقدر وقيام السلبية والفردية والترف والتخلف عن الزمن نتيجة لغلبة الجهل والتوقف عن الكفاح وحماية الثغور وسيطرة الأمراء المستبدين والعلماء الجامدين والاستهانة بالعدو.
ولقد استغل الاستعمار بعض طوائف المسلمين كرجال الطرق الذين أزروا السلطات الاستعمارية في شمال أفريقيا والسودان.
أما الإسلام في ذاته وجوهره فلم يكن عاملا من عوامل الضعف والقصور.
٥ - عارض المفكرون المسلمون الغرب فيما وصف به التفكير العربي الدينى من أنه تفكير تجريدي، واستشهدوا في ذلك بالإسلام وقالوا أن هذا الفكر رهن بالقواعد المرسومة شبيه بهندسة البناء العربية لا تحتوى صورة من صور الحياة المماثلة في بنية الانسان وملامح وجهه" كما وصفه (روم لاندو) في محاوره بينه وبين لطفى السيد (٢١ - مارس ١٩٣٨ - الرسالة) وقد رفض لطفى السيد هذا الرأى وقال له "أن الفكر العربي أشد ايغالا في الواقعيات من الفكر الأوربي. وهذه شريعتنا الدينية التي استشهدت بها على نزعته التجريئية تتناول شئون الحياة اليومية ولا تقتصر على مماثل اللاهوت والأخلاق كما هو الحال في الشريعة المسيحية، وهى تقضى بالوصايا في أمور للمعيشة والزواج والميراث وأحسب أننا أقرب إلى معرفة الحقيقة حين ندرس (المخيلة المسيحية) بتصور السماء والفردوس. أما المسلمون فكيف تراهم يتخيلون السماء، انها دار حقيقية فيها اللبن والعسل والمسجد وفيها الأشجار والأزهار والحور العين" ا. هـ
***
[الجماعات الإسلامية]
وقد اتجهت مقاومة حرب الإسلام إلى أعمال ايجابية متعددة كان أبرزها قيام الهيئات الإسلامية للدفاع عن الإسلام. كما طالب المفكرون بمحاربة البغاء وتطهير الأخلاق والصحوة إلى أن يكون الدين مادة أساسية في جميع مناهج التعليم. وكان الشيخ محمود أبو العيون في مقدمة هؤلاء الدعاة.
وقد كانت جمعية الشبان المسلمين من أبرز هذه الأعمال التي تجمع فيها دعاة الاصلاح والمقاومة وقد تفرعت عنها جماعات أخرى كالأنصار والاخوان المسلمين ومصر الفتاة والتعريف الدولى بالإسلام والكفاح لتحرير الشعوب الإسلامية.
وقد واجهت (الشبان) أحداث العالم الإسلامي وأصبحت ملتقى رجال العروبة والإسلام وحركات التحرر في العالم العربي والإسلامي وكانت جبهة دفاع قوية الأثر في مواجهة حركات التبشير والإلحاد والتغريب ومعارك الاستعمار في فلسطين وشمال أفريقيا وسوريا والجزائر، وأبدى المستشرق، كامبفيابر اهتمامه بما وراء هذه الحركة من خطر وأثر في المستقبل، ووصفها المستشرق جب بأنها أكبر دلالة على التنظيم الجديد في الحياة الاجتماعية والعقلية في العالم الإسلامي، وقد سلكت الجمعية إلى أهدافها في تربية الشباب الإسلامي العناية بالخلق والرياضة كوسيلة إلى القوة وكمال التكوين على أساس أن القوة مطلب أساسى في الإسلام لدفع الاعتداء وارهاب العدو واحتمال مطالب الجهاد، واستخدمت لهذا الغرض الخطابة - والمحاضرة والصحافة وكتابة الأبحاث والمقالات وقد كان للسيد محب الدين الخطيب الفضل الأول في تأسيس هذه الجماعة ودفعها إلى الأمام وان لم يظهر عمله موسوما باسمه اذا كان يفضل أن يرسم الخطط ويقف وراء منفذيها.
فقد روى محمود محمد شاكر (الفتح مجلد ٩ - ١٣٥٣) أنه في ربيع الأول ١٣٤٦ زار مكتب محب الدين الخطيب في المطبعة السلفية للشيخ محمد الخضر حسين وتحدثا عن اجتماعات الشبان المسيحية التي تدعو رجالا ليحاضروا فيها ومن بينهم رجل من رأيه أن يجعل القرآن موضعا للتهكم والشك ثم التقى بهما عبد السلام محمد هارون وقد بدأ التفكير في انشاء جماعة للشبان المسلمين .. وقد جمع محب الدين الخطيب بين رجلين هما أحمد تيمور باشا ومحمد الخضر حسين وضمت في مجلسها الأول: محمود الحضيري، محمود محمد شاكر، هارون ومحمد خلاف. محمد أبو الفضل إبراهيم، توفيق أحمد محمد القاضي، كمال اللبان، عبد الفتاح كيرشاه. مصطفى محمود القاضي، زكى القاضي، واشترك فيها عبد العزيز شاويش والمهياوى وأحمد إبراهيم ومحمد أحمد الغمراوى والدكتور يحيى الدوديرى والدكتور على مظهر ومحمود على فضل واختير عبد الخميد سعيد رئيسا لها.