-٥ -
اللغة العربية
ركز الاستعمار في غزه الثقافي على "اللغة العربية" للقضاء عليها كقوة من قوى الوحدة والقومية العربية والإسلام، وسبيلا إلى القضاء على الكيان العربي الإسلامي بما فيه من قيم ومقدرات وتراث يرتبط باللغة العربية.
ولقد كان هدف الاستعمار أن تصير اللغة العربية إلى ما صارت اليه اللغة اللاتينية وأن تتطور اللهجة المحلية في كل قطر فتصبح لغة مستقلة لها أدبها وثقافتها منفصلة عن اللهجات الأخرى وبذلك يقضى على اللغة العربية والقرآن.
ولقد جند الاستعمار قواه لهذه الغاية وحرص عليها ورسمت خطط بعيدة المدى لذلك، وفي المناطق التي احتلتها بريطانيا سارت الخطة على نحو معين وفي مناطق استعمار فرنسا اتخذت الخطة شكلا آخر اشد عنفا.
وكان هدف هذه الحملة اتهام اللغة العربية بالقصور، وعدم الكفاية العلمية او ارتفاع مستواها عن مفاهيم المجموعات العامة او اتهام حروفها ونطقها وكتابتها بالصعوبة والتعقيد، وكل هذه اتهامات حاول الاستعمار بها النفاذ إلى غرضه في الدعوة إلى العامية او استخدام الحروف اللاتينية وتحطيم عامود الشعر.
وقد توالت هذه الدعوات خلال هذه المرحلة الطويلة واستمرت وتعددت، واحدة بعد الأخرى، يحمل لواءها غربيون أجانب أو وطنيون من دعاة التغريب.
١ - قدم المهندس وليم ولكوكس إلى مصر ١٨٨٢ من الهند وقد كان موظفا بمصلحة الرى بها وقد دعا إلى نثر العامية والتأليف بها وترجم بعض الفصول من مسرحيات شكسبير ومن الانجيل إلى العامية.
وله خطاب مشهور ألقاه في نادى الأزبكية (يناير عام ١٨٩٣) وقد استهله بقوله "لماذا لم توجد قوة الاختراع لدى المصريين الآن" ...
قال: ان من جملة العوامل في فقد قوها الاختراع عن المصريين استبقاءهم اللغة العربية الفصحى واشار باغفالها واستبدالها بالعامية اقتداء بالأمم الأخرى. وذكر بنوع خاص الأمة الأنجليزية وقال أنها استفادت افادة كبيرة باغفال اللغة اللاتينية التي كانت لغة الكتابة عندها واستبدالها باللغة الانجليزية الحاضرة".
وقد اتخذ لاذاعة هذه الفكرة بمعاونة سكرتيرة أحمد الأزهرى مجلة عنوانها "الأزهر" قالت الأهرام ٢٩/ ٧/٣٢ "لقد قاوم الراى العام فكرته فأبطل المجلة ومع ذلك فقد ظل يؤلف باللغة العامية فكتب في ذلك حياة المسيح وأعمال الرسل وترجم كتب العهد الجديد إلى اللغة العامية المصرية وكان ينظم الزجل". وهى في الحقيقة لهجة وليست لغة.
٢ - كما ظهر بعد ذلك بقليل (١٨٩٧) كتاب أطلق عليه اسم "اللغة العامية المصرية بالحروف الأفرنجية" وهو مشروع ينتقل خطوة ثانية بعد خطوة الدعوة إلى العامية فيطالب بكتابتها بالحروف الأفرنجية.
وقد أعده بعض الأجانب ورتبت له أبجدية أفرنجية "عوض فيها عن الحروف العربية الخالصة بأحرف ذات علامات خاصة ومعه تمارين لاستعمال هذه الحروف" على حد تعبير مجلة المقتطف في التبشير بالكتاب.
٣ - دعا وليهم ويلمور أحدد قضاة محكمة الاستئناف الأهلية إلى اتحاد اللغة العربية العامية للكتابة بدلا من اللغة الفصحى، وأصدر كتابا عنوانه:
The Spofen Arobrc Of Egypt
وقد قال وليمور: أن أرباب الصحف أولى من غيرهم بكتابة اللغة المحلية واسماها (لغة القاهرة)