للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القومى موصلا إلى استعباد أتباعها، ذلك أن الإسلام بأهدافه في المقاومة وتاريخه في الجهاد كان موضع خشية الدول الاوربية التي تراه قوة ضخمة تحول بينها وبين استعباد الامة العربية والسيطرة عليها وترى انه شديد المراس في صد كل دخيل وانه دين الحرية والكرامة والمقاومة، وقد اجمع المبشرون ومنهم (كارل بيكر وجاردنر) ان القوة التي تكمن في الإسلام هى التي تخيف اوربا.

ولقد كان اشد ما يخشاه الاستعمار ان يتم الالتقاء بين اجزاء الامة العربية فتتم الوحدة التي تقاوم الاستعمار -كما اشار المبشر لورنس برون- إلى ذلك حين اشار إلى ان هدف التبشير ان "يبقوا- أي: المسلمين- متفرقين حتى لا يكون لهم وزن ولا تاثير اذ ان تجمع العرب يساعدهم على التخلص من السيطرة الاوربية"

كما هدف التبشير إلى اظهار الاوربيين في ثوب الابرار حياة الحضارة انصار الحياة والعلم وذلك حتى يتمكنوا من الوصول إلى قلوب العرب والمسلمين وتحقيق اهدافهم التي ترمى إلى سلب القيم العربية العقلية والخلقية والروحية عناصر قوتها وتمييع هذه القيم والتشكيك فيها.

ويرى المبشرون ن هدف التبشير في الاغلب ليس نشر المسرحية بقدر ما هو هدم الإسلام. ويقول المستشرق هنرى حسب ان (المبشرين) استغلوا جهودهم لخدمة دولهم واذكوا نار العداوة في الذين كانوا يبشرون بينهم.

***

[التبشير والإسلام]

لا شك "ان محاربة الإسلام" هى العمل الاول للتبشير. وقد اتخذ لذلك خططا متعددة تقوم اساس المغالطة في تاريخ المسلمين ودينهم وتاريخ النبى محمد ووقائع حياته.

وكان ابرز ما يركز عليه التبشير هو محاولة اخضاع الإسلام لمذاهب الفكر الغربي وفق ما خضعت له المسيحية، وذلك بالاعضاء عن الحقيقة الواضحة التي لا سبيل إلى انكارها او تجاهلها في النظر إلى الإسلام وهى: انه عقيدة ونظام اجتماعي وذلك بخلاف النصرانية .. ولذلك فان المسلمين ينظرون إلى النظم الغربية التي تهدف إلى اقامة مجتمعات جديدة على أنها تقوم على تجارب خاضعة للنجاح والفشل، بينما يجد المسلمون عندهم نظاما اجتماعيا قابلا للتطور مع الزمن والالتقاء مع البيئات المختلفة وهم لذلك ليسوا في حاجة إلى النظم الموضوعة تحت التجربة.

ومن الاتهامات التي يوجهها الفكر الغربي عن الإسلام انه تمام بالفتح على اساس السيف. وانه سفك الدماء واقام المذابح والحرب في سبيل تحقيق غايته وهو اتهام واضح خطاه ومدى المغالطة فيه ظاهرة.

(٢) ومن ذلك قولهم ان الفلسفة العربية هى الفلسفة اليونانية مكتوبة بحروف عربية، وعند ريان ان كل مظهر للفلسفة الإسلامية انما هو للفرس واليونان او الناطره او اليماقبة. وذلك الراى مخالف لما رواه المصفون امثال جوستاف لربون من ان العرب لم يتقبلوا الفلسفة اليونانية فقط وانما ناتمثوها ونحتوها وزادوا فيها.

(٣) ادعى المبشرون ان نضارى لبنان هم الذين بعثوا النهضة العربية الحديثة وان البربر وحدهم هم اصحاب المدنية في شمال افريقية والاندلس. وان العالم العربي هو (مصر والشام والعراق ونجد والحجاز واليمن) وانه مسحته ٣ ملايين كيلو مربع وسكانه ٤٠ مليونا (مع ان مساحة الجزيرة العربية وحدها ٣ ملايين كيلو مربع) وان النهضة العربية بدات في مصر. وان البربر لم يقيموا وحدهم مدينة المغرب والاندلس بل شاركهم العرب وان البربر كالعرب مسلمون، والمدنية التي خلقوها عربية، وان السودان وشمال افريقيا وليبيا وتونس والجزائر ومراكثس هى اجزاء من الوطن العربي وان النهضة العربية بدات في مصر وليس في لبنان وان النهضة بدات في القسم الاخير من القرن التاسع عشر وليس في مطالع القرن التاسع عشر. وان حصر الحركة في نصارى لبنان والمبشرين الامريكين ظلم للتاريخ والادب وخطا لا مبرر له.

وقد صور عدد من المبشرين مدى خطر الإسلام على الاستعمار. وقال (اشعبا يومان) ان الإسلام ليس دينا فحسب بل انه من اركانه الجهاد. ولم يتفق قط ان شعبا دخل الإسلام ثم عاد نصرانيا.

<<  <   >  >>