[دعاة التغريب]
اعتمد التغريب على عناصر ثلاث (١) خليط الافكار الغريبة التي قذف بتا الفكر العربي الإسلامي دفعة واحدة، وركز فيها على النظريات التي طالما نظر فيها الغرب ورفضها وعارضها بنظريات اخرى وخاصة ما يتصل منها بانكار الخالق والشم في الاديان وتغليب جانب المادة والجنس كنظريات دارون وفروى.
(٢) المستشرقون والمبشرون والعلماء الذين وردوا إلى الشرق في افواج متوالية وتحت اسماء وشعارات مختلفة، والذين حملوا معهم افكار جوبنيو ورين حول فوارق اللون والعقل بين الارية والسامية ورسالة الرجل الابيض، وقد حرص هؤلاء الكتاب والعلماء على نقل اسوا الصور، والاتهامات والاخطاء وكانوا بطبيعة الدراسات التي تلقوها واستعدادهم الطبيعى- الا القليل من المنصفين احرار الفكر- منحرين استعماريين.
ولذلك كانت كتاباتهم جميعا بعيدة عن نزاهة النهج العلمى الحديث، متعارضة مع الحقائق والوقائع.
(٣) كتاب العالم العربي المتغربين، الذين سافروا في بعثات علمية إلى فرنسا وبريطانيا وامريكا، والتقوا هناك باساتذة من علماء التبشير والاستشراف فارتبطوا بهم فكريا وحملوا لواء نظرياتهم إلى الوطن العربي.
وترجع النظريات التي حملتها كثير من الدراسات والتي احدثت ضحت في بلادنا إلى اقتباساتها من اراء هؤلاء الكتاب وهى لا تخرج في مجموعها عن اراء مرج ليوث ودور كهين وليفي يريل وماس نيون ومرسى وجميعهم مستشرقون متعصبون لليهودية او المسيحية، يخدمون الاستعمار ويحقدون على الإسلام واللغة العربية. ومن امثلة ذلك ما تاثرت به رسالة (منصور فهمي) عن المرأة في الإسلام التي كتبها عام ١٩١٣ باراء ليفي تريل الاسرائيلى كما تاثرت رسالة طه حسين عن ابن خلدون (١٩١٨) باراء دورك هيم وتاثرت رسالة طه حسين عن الشعر الجاهلي باراء مرج ليوث وماس نيون.
وأبرز مظاهر عمل هذه الطائفة: "التشكيك" فهؤلاء اقرب بالطبع إلى اهل وطائهم ويكتبون باللغة العربية، ولذلك فان كتاباتهم من شأنها ان تجد قبولا خاصا اذا قامت بناء على منهج مرسوم، فيه الموالاة والتدرج والتكرار، وقد قام بهذا العمل كتاب كثيرون وصحف كثيرة من اهمها المقتطف والمقطم وكان اجرا كتاب هذه الدعوة: فرح انطوت وسلامة موسى وإسماعيل مظهر وطه حسين.
وهناك كتاب قاموا في مطلع حياتهم بهذا الدور ثم تخلوا عنه بعد ان تكتشف لهم الحقائق من هؤلاء: منصور فهمي والدكتور هيكل وزكى مبارك.
ومما يذكر ان هناك كتاب سافروا إلى أوربا ودرسوا بتا واتصلوا بالمستشرقين والعلماء ودعاة التغريب ولكنهم استطاعوا الاحتفاظ بروحهم العربي الأصيل.
ولقد كان الكتاب المتغربون يوما من الأيام سلاحا باترا ازاء كل قلم كريم او راى حكيم، وكانوا يهاجمون كل دعوة إلى الاعتدال في نقل الحضارة او المحافظة على الدين والقيم او مقومات الشخصية العربية او تراث الإسلام فما ان تنطلق دعوة من هذه الدعوات حتى تخرج لها اقلام دعاة التغريب لتدحرها متهمة اياها بالرجعية والسطحية والخيانة للحضارة ومقاومة تيار التدن ومعارضة التطور.
ويمكن أن توصف كتابات هؤلاء الكتاب بأنها حملة تغريبية ثمالة متعددة الجوانب، فقد تناولت اللغة والزى والدين والمجتمع والمرأة وموقفنا من الشرق والغرب واقليمية الادب والايمان بفرنسا ومهاجمة الشريعى الإسلامية.
وهاجم طه حسين أحمد زكى باشا شيخ العروبة لانه مجد مدينة العرب واشاد بتا وكشف عن حقائقها ورد اخطاء المستشرقين وكشف عن بغضهم ومغالطاتهم. واتهم سلامة موسى العرب بانهم دبروا هجوما على المدنيات الرومانية والافريقية.