للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

?

وقد كان الاستعمارين البريطانى والفرنسي يخشيان سيطرة مصر على دعوة القومية العربية نظرا لاتجاه قلوب العرب اليها كدولة كبرى، ولذلك عمد الغزو الثقافي إلى خلق عديد من التيارات والدعوات فيها ليحول ذلك دون اتجاهها نحو هدف واحد. وكان أبرز هذه الاتجاهات: الاتجاه النيلى والاتجاه الإسلامي.

وقد وصفت مصر بأنها البلد الذي زودته الطبيعة بكل الصفات والمزايا التي تحتم عليها أن تقوم بواجب الزعامة والقيادة في انهاض القومية العربية لأنها تقع - كما قال ساطع الحصرى - في مركز البلاد العربية بين القسمين الأفريقى والآسيوى كما أنها تكون أكبر كتلة من الكتل التي انقسم اليها العالم العربي بحكم السياسة والظروف وأن هذه الكتلة قد أخذت حظا أوفر من الحضارة العالمية الحديثة.

***

[إدارة الاستعمار]

وقد رسم الاستعمار البريطانى والفرنسي خطة تأكيد التجزئة والحدود الوهمية للقضاء على وحدة الأمة العربية. وكان لها في تنفيذ هذه الخطة أعوان وعملاء، أعوان من دهاقنة الاستعمار والسياسة أمثال جلوب وقيلبى ولورنس وعملاء أمثال سعد زغلول وفيصل وعبد الله ونورى السعيد والجلاوى وعن طريق هؤلاء وهؤلاء وقف الاستعمار في وجه الوحدة العربية.

***

[الهاشميون]

رسم تشرشل في مؤتمر القاهرة (١٢ آذار ١٩٢١) خطة الحكم في فلسطين والعراق والأردن: قال تشرشل للأمير عبد الله عند استيلاء فرنسا على سوريا: "لأن انجلترا محايدة في القضية بين العرب والفرنسيين وهم حلفاؤها فانها تنصح بلزوم انصراف الأمير فيصل بن الحسين عن سورية وسفره إلى العراق ليرشح نفسه لملك العراق، وأن الحكومة الانجليزية لا تريد أن ترى على عرش العراق الا الشخص الذي تعتمد عليه وأن طلاب عرش العراق كثيرون ومنهم ابن سعود وخزعل خان، وأن على أن أوثر على العراق بأن يرضوا بالأمير فيصل".

وقد نظم استفتاء شعبى عام لانتخاب الملك فيصل وذلك حتى يتخذ اختبار الملك شرعية واضحة، وتلقى الأمير برقية من تشرشل تطلب اليه أن يصرح في خطاب التتويج عن عزمه على تسليم مقاليد الحكم الفعلى إلى يد المتعهد البريطانى ونظمت الاستفتاء الآنسة بل وصحب (كور نواليس) فيصلا إلى العراق ممثلا لبريطانيا وصحبت الكابتن بل الملك فيصل إلى كل مكان تقدمه للقبائل وتهيئ المآدب، واعتقلت بريطانيا المنافس للعرش وأرسلته إلى جزيرة سيلان واعتقل كل من وقف في وجه فيصل. واهتمت بريطانيا بالاقطاعيين وأرسلت أبنائهم إلى بريطانيا. وكانت تخلق العقبات لفيصل وتشعره بأن عرشه معرض للضياع اذا تخلف عنها.

وقد أيد فيصل وعد بلفور وقال: "نحن العرب لاسيما المتعلمين منا ننظر إلى الحركة الصهيونية بأعمق العطف. وسوف نقدم لليهود أعظم ترحيب قلبى في الحضور إلى البلاد. وقد كانت لنا ولا تزال أوثق العلاقات مع زعماء حركتكم وخاصة الدكتور وايزمان - وأننا نعمل سويا لبعث وانشاء الشرق الأدنى، أن حركتنا تكمل الواحدة منهما الأخرى" ووقع فيصل ١٩١٨ على بيان باللغة الانجليزى بوصفه رئيسا للعرب اعترف فيه بوعد بلفور وبالهجرة اليهودية إلى فلسطين وأظهر عطفه على فكرة الوطن القومى وتم اتفاق فيصل ووايزمان على: أن أضمن وسيلة لتحقيق أمانيهم القومية هى التعاون لترقية الدولة العربية وفلسطين.

وقد واجه فيصل عنف الحركة الوطنية في العراق وحاول أن يوازن بين رغبات بريطانيا وبين القومية العربية في العراق وكونت بريطانيا في العراق أعوانا وعملاء، وكانت عبارة أذناب الاستعمار والعملاء هي: الواقعية ومسايرة الظروف.

***

[عبد الله]

أما الأمير عبد الله فقد استولى على احدى قطارات السكة الحديد الصاعدة من الحجاز إلى الشمال، وحين نفذ الوقود من القطار، كان عبد الله يتوقف - كما يروى الكاتب حيمس مورس- وينتزع أعمد التلغرافات الخشبية ويضعها في القاطرة ويشعل فيها النار، واستقبله كيركبرايد على الحدود وبقى معه حاكما باسم بريطانيا

<<  <   >  >>