وقد امتدت حركة تحرير المرأة في الوطن العربي كله ولقيت مثل ما لقيت في مصر، أصحاب معسكر التغريب يدفعون المرأة إلى السفور والاختلاط والانطلاق، ودعاة الاعتدال من المجددين يطالبون بالانارة والتطور حتى لا يقع الصدام وتتكاثر الضحايا.
[(فى لبنان)]
وفى لبنان ارتفعت صيحة الدعوة إلى تحرير المرأة المسلمة باسم (نظيرة زين الدين) عام ١٩٢٩ في كتاب ضخم بلغ ٤٢٠ صفحة من القطع الكبير اسمه"السفور والحجاب" اعتمد على الدعوة العاطفية واستغلال الآيات القرآنية والأحاديث فيما ذهب اليه من حرية السفور, وقد بلغ الأمر أن فضلت الكاتبة المرأة عن الرجل وقالت أنها أصلح من الرجال عقلا، وعارض العقاد هذا الرأى لأن فضيلة المرأة الكبرى عنده أنها متممه للرجل وليست منافسة له في ميادين العمل والجهاد وقال العقاد: أن نهضة المرأة ما برحت بخير ما طلبت حقها وعرفت أن حقها لن يناقض حقوق الرجال. أما حين تطلب الحرية لتتحدى بها الرجل وتتمرد عليه فهى فاشلة خاسرة ونادمة.
- وقد هاجم مصطفى الغلايبنى هدف كتاب نظيرة زين الدين: أن هذا الكتاب قد أجتمع على تأليفه عدد كبير من اللادينيين والمسيحيين والمبشرين وان الآنسة وأباها (الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في الجمهورية اللبنانية) كانا أما مخدوعين أو شريكين لهؤلاء الدساسين وانه كشف النقاب عن غايات مؤلفى الكتاب وغيره ممن يسعون لافساد المسلمين والقضاء على عقائدهم وأخلاقهم بالقضاء على المرأة والمسلمة.
وقال أن هذه الوسيلة التي وصل اليها أخيرا المبشرون بعد أن عجزواعن الطعن في الإسلام وهى استخدام بعض أهله، وقال أن في عام ١٩٢٨ كثر اللغط والحديث حول مسالة المرأة في مصر وسوريا وفلسطين ولبنان والعراق في آن واحد، ثم ظهر كتاب السفور والحجاب المكتوب بأقلام أذناب هؤلاء المبشرين الذين نعرف أسمائهم كلهم ونعرف أكثر أشخاصهم، وقال أن مؤلفوا الكتاب قصدوا إلى الطعن في الإسلام في صور من الأساليب خلابة مموهة بالباطل من القول والزخرف من الكلام. وقد حاولوا أثبات أن الرجل لا عقل له أو أنه ناقص العقل وأن المرأة اصح منه عقلا. واثبات أن المفسرين كانوا مخطئين في تفسير آيات القرآن وأنهم كانوا جهلة دساسين، وطعن الكتاب على أكثر الصحابة كما طعن في العلماء وأجرى الدس بين السنة والشيعة".
أ. هـ.
وليس غريبا أن يحمل دعاة التغريب الدعوة إلى السفور على هذا النحو، فأن هدى شعراوى التي حملت لواء الدعوة إلى تحرير المرأة في مصر كانت ترنو إلى المظهر به والزعامة أكثر مما ترنو إلى الايجابية، ولذلك لم تخرج الحركة النسوية في مصر عن نطاق مجموعة من السيدات الأرستقراطيات، وهدى شعراوى هى: ابنة سلطان باشا الذي رحب بالاستعمار وفتح الطريق أمام الانجليز في التل الكبير وزوجة شعراوى باشا أحد الثلاثة الذين قابلوا المندوب السامى البريطانى يوم ١٣ نوفمبر ١٩٩١.
وكانت حياتها عبارة عن سلسلة من الرحلات إلى أوربا للاشتراك في المؤتمرات النسوية في روما وباريس وامستردام وبرلين ومرسيليا واستامبول وبروكسل وبودابست وكوبنهاجن، وقد جاء في تشكيل جمعية الاتحاد النسائى (١ مايو ١٩٢٦) أنه واسطة تعارف وتعاون بين المرأة المصرية وأختها الغربية، لازالة ما علق بأذهان الغربيين من تصور المرأة المصرية عضوا أشل أو لعبة الزينة في ايدى الرجال.
وقد كانت هدى شعراوى حريصة على أن تحقق تشريعا يعضم الفتاة من الزواج قبل بلوغها السادسة عشرة من عمرها، ولعل هذا يرجع إلى أنها هى زوجت قبل هذا السن إلى رجل في مثل سن والدها فظلت حياتها التعيسة مضطربة طوال حياتها.