للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٤)

إلغاء الخلافة العثمانية

اذا كان حدث الحركة التركية التجديدية بمختلف تطوراته بعيد المدى في الفكر العربي المعاصر، فقد كان الغاء الخلافة "الإسلامية" العثمانية من ابعد هذه التطورات ثرا. وقد اثار وقع هذا الحادث البعيد المدى في العالم العربي والعالم الإسلامي عديدا من المساجلات والمعارك الفكرية- وقد تم الغاء الخلافة على مرحلتين:

الاولى: فصل الخلافة عن السلطنة (نوفمبر ١٩٢٢).

الثانى: الغاء الخلافة (٣ مارس ١٩٢٤).

وذلك ان مصطفى كمال بدا بفصل الخلافة عن السلطة وعزل السلطان وحيد الدين "محمد السادس" واتخذ خليفة بغير سلطة زمنية كخطوة اولى في سبيل الغاء الخلافة نهائيا بعد ذلك باقل من اربعة شهور.

وكان من راى مصطفى كمال ان السلطة شئ والخلافة شئ وأن السلطة العثمانية قد اغتصبت السلطة من الشعب ومن حق الشعب ان يستردها ويفصل بين السلطة والخلافة ثم ألغى السلطنة وأقام الجمهورية التركية.

وقال بعد ان عين عبد المجيد خليفة بغير سلطنة زمنية: ان منصب الخلافة لا يزيد الآن عن ان يكون أثرا تاريخيا ليس له حق شرعى يسوغ له البقاء، وهكذا مهد لالغاء الخلافة.

وقال السلطان محمد السادس ان الفصل بين السلطة المدنية والسلطة الدينية لا يطابق ما هو معروف في التشريع الإسلامي وانه لا يمكن ان يكون الخليفة رئيسا دينيا فقط.

ومشروع فصل الخلافة عن السلطنة مشروع قدم كان قد أعده "مدحت ابو الدستور مع الدستور ذاته ولأجله نفى سلطان عبد الحميد مدحت وقضى عليه أخيرا، ذلك ان مدحت كان يرى فصل الخلافة عن الحكم على أساس ان السلطة للأمة وقد كان اعتراض العلماء على فضل الخلافة على السلطة مبنيا على انه اذا جرد الخليفة من هذه السلطنة فقد جرد من كل شئ وأصبح عضوا أشل لا معنى لوجوده".

وفي ٢٣ مارس ١٩٣٤ قدم مصطفى كمال اقتراحا للمجلس بالغاء الخلافة بعد ان قدم اتهامات مؤداها تعاون الخلافة مع النفوذ الأجنبى.

وقد أشار الكماليون في تقريرهم عن الخلافة ان وجودها لم ينقذ تركيا من ان تكون ذات رأسين في سياستها الداخلية والخارجية وان ال عثمان كانوا سبب مصائب تركيا.

ومن الطبيعى ان يتخلص مصطفى كمال من الخلافة لعدة اسباب منها: انه لم يكن يرغب في ان تكون هناك قوة اكبر منه او لها صفة من الصفات التي تجعل في تركيا اكثر من نفوذها، فضلا عن ايمان أتاتورك الأكيد بالطريق الذي سار فيه نحو الغرب: ثقافة وحضارة.

وقد واجهت تركيا خصومة عنيفة من العالم الإسلامي كله لهذا العمل الذي قضى على القيادة العليا للدول الإسلامية.

ورسمت (المقطم) لالغاء الخلافة (٤ مارس ١٩٢٤) هذه الصورة:

"اليوم تهتز أعصاب العالم كله لنبأ يطير من أنقرة

<<  <   >  >>