السياسية عجزت عن ايجاد أساس صحيح لسلام العالم وان في وسع كل ديانة ان تساهم في حل مشكلة العالم الفكرية، وقد دعى الأزهر إلى الاشتراك في هذا المؤتمر لتمثيل الإسلام، وكتب شيخ الأزهر مصطفى المراعى رسالة عن المثل الأعلى للروحية صور فيها مفهوم الإسلام لرسالة السلام.
٤ - والواقع أن "التوفيق" بين الإسلام والمسيحية- وليس توحيدها هى الدعوة التي حملها الابرار في الوطن العربي لمقاومة النفوذ الاجنبى الذي كان يعتمد دائما على التفرقة بين الطوائف والاديان ويناصر احدها على الاخر".
وقد كان "التوفيق" بين الإسلام والأديان الاخرى اتجاه قديم معدود من أصول الشريعة.
وفي التاريخ الحديث التقى الهلال والسليب في ثورة عام ١٩١٩ المصرية، كما ترابطت المشاعر باسم الوطنية في أنحاء الوطن العربي وحمل المسيحيون في الشام لواء الدعوة إلى القومية العربية ومزج الكتاب المسيحيون بين عواصف الإسلام والعروبة والتغنى بالتراث العربي الإسلامي وبطولة محمد وعمر خالد باعتبارها بطولات عربية وقد مجد كتاب العرب من المسيحيين النبى محمد على اساس انه مفخرة للعرب واسمى مارون عبود ابنه محمدا وكتب لبيب الريان وسيلى ملاقط والياس فاعور ونجيب نصار وجورج سلستى والتقى المسلمون والمسرحيون في معركة الجريه.
وأشار توماس ارن ولد في كتابه "الدعوة إلى الإسلام" بان الكنيسة المسيحية قويت وتقدمت في رعاية المسلمين وحكمهم، وان جميع المذاهب المسيحية كانت تتمتع بالرعاية والتسامح من الحكام المسلمين على حد سواء. بل ان هؤلاء الحكام من المسلمين كانوا هم الذين يمنعون اضطهاد بعض المسيحيين للبعض الاخر ويكفلون الحرية الدينية للجميع" وقد التقى راى قادة الإسلام والمسيحية على العمل لصيانة هذه الوحدة فقد حدث عام ١٩٣٠ ان ارسل الشيخ اللبان شيخ معهد الاسكندرية خطابا إلى الانبا يؤنس بطريرك الاقباط يقول فيه: ان فرقا تهوسا ممن ترعاه الكنيسة المرقصية يعمل على هدم ما بناه العقلاء ويدبر الحملات الطائشة ضد الإسلام دين الدولة الرسمى معرضا بذلك الوطن لاعظم الاخطار فاجاب الانبا يؤنس بقوله: "اذا وجد فرد أو أفراد يعملون ضد الوحدة المقدسة بالظن في الدين الإسلامي الذي هو دين اخواننا في الوطنية فانهم يكونون من شر الجناة على الوطن.
٥ - وقد اجرت مجلة الهلال استفتاء (ابريل ومايو عام ١٩٣٩) في شان توحيد الإسلام والمسيحية فكان راى علماء المسلمين (فريد وجدي) ان الإسلام جاء للتوفيق بين جميع الاديان ورفع اسباب الخلاف بينهما. وقال ان الإسلام يتقدم إلى الناس لا باعتبار انه دين جديد ولكنه باعتبار انه دين البشرية الاقدم خالصا من جميع الشوائب التي الحقتها به الاجيال المتعاقبة.
وقال القس إبراهيم سعيد: ان الدين ليس غاية في ذاته ولكنه وسيلة لغاية وقال انه يعتقد بامكان توحيد الاديان لا بيتر جزء من هذا الدين وجزء من ذاك الدين ليتكون منهما دينا واحدا، وانما اعتقد بتوحيد الاديان على اساس روحى يحتفظ فيه كل بحسمه. وقال القمص سرجيوس: ان هناك اتحادا ممكنا هو ان تتحد المسيحية والإسلام في محاربة الإلحاد والاباحة.
ومعنى هذا ان مؤامرة استعمارية فكرية استهدفت الغزو الثقافي والتجزئة والقضاء على الإسلام او تشويهه قد فشلت ايضا لان عقائد الفكر العربي الإسلامي وقيمه استطاعت بعمقها وحيويتها ان تقاوم كل تيار من تيارات التغريب.
***
[٢ - التغريب الكامل]
وهناك دعوة تغريبية أخرى هى: الاتجاه المطلق إلى الغرب وقد حمل لوائها سلامة موسى وطه حسين.
ويعارض (سلامة موسى) الشرقية والعربية والإسلامية ويهاجم اللغة العربية والدين والقومية العربية ويدعو إلى التغريب الكامل وهذه مجمل آرائه:
ليس هناك حد يجب أن نقف عنده من اقتباسنا من الحضارة الاوربية.
لنا من العرب الفاظهم ولا اقول لغتهم. بل لا اقول كل الفاظهم، فاننا ورائنا عنهم هذه اللغة العربية. وهى لغة بدوية لا تكاد تكمل الاداء اذا تعرضت لحالة مدنية راقية كذلك التي نعيش بين ظهرانيها الآن.