[الجامعة في معركة الغزو الثقافي]
كان انشاء "الجامعة المصرية" في مصر من معارك مقاومة الغزو الثقافي فقد كانت الدعوة إلى انشاءها حلقة عن حلقات الحركة الوطنية ومقاومة الاستعمار.
ولقد فوجئ الاستعمار بالدعوة إلى المشروع وهاجمه هجوما عنيفا، وحاول ايقاف خطواته، وقال كرومر معلقا "ان التعليم الذي تحتاج إليه الأمة المصرية هو تعليم "الكتاب" وحث الحكام والأعيان على انشاء الكتاتيب لتحويل تيار الرأى العام عن مشروع الجامعة"
وقد استقبل الرأى العام المشروع بشيء كثير من الايمان والتضحية وانهالت التبرعات التي بدأها "مصطفى كامل الغمراوى" بخطاب أرسله لجريدة المؤيد (٣٠ - سبتمبر ١٩٠٦) متبرعا بمبلغ ٥٠٠ جنيه.
وفي ٤ أكتوبر ١٩٠٦ نشرت المؤيد أسماء مؤيدى المشروع وبلغت التبرعات ٤٤٨٥ جنيها وتبرع حسن زايد (المنوفية)، ٥٠ فدانا وعقدت الجلسة التمهيدية في بيت سعد زغلول (١٧ أكتوبر ١٩٠٦) وصدر قرار تأسيس الجامعة (٣٠ مايو ١٩٠٨) وافتتحت في (٢١ ديسمبر ١٩٠٨) في مجلس شورى القوانين (مجلس الشيوخ)
وقد أشار حسن حسنى كامل في رسالة الأهرام (٢٤/ ١٢/٢٥) أن أول مصري نادى بوجوب انشاء جامعة مصرية هو مصطفى كامل عام ١٩٠٢ ولما عاد مصطفى كامل ١٩٠٦ من أوربا جمع المصريون ٥٠٠ جنيه للاحتفال به بعد دفاعه في حادث نشواى فأرسل خطابا إلى محمد بك فريد (٢٥ سبتمبر ١٩٠٦) طلب فيه تحويل هذا المبلغ إلى مشروع الجامعة وقال: على اللجنة أن تقوم بدعوة الأمة كلها وطرق باب كل مصري لتأسيس جامعة أهلية تجمع أبناء الفقراء والأغنياء على السواء.
غير أن سعد زغلول لم يلبث ان انسحب من مشروع الجامعة بعد تعيينه وزيرا للمعارف - وكان للمنتظر أن يعقد المشروع، وذكرت بعض المصادر ان احمد باشا المنشاوى كان قد عزم ١٩٠٥ على انشاء جامعة اهلية في جهة باسوس وابى الغيط على نفقته ومات قبل تنفيذ المشروع.
وأعلن أن الجامعة عبارة عن مدرسة علوم وآداب تفتح أبوابها لكل طالب وليس صبغة سياسية واشترط في اللائحة أن من يريد الالتحاق أن يكون حاصلا على شهادة المدارس العليا أو دار العلوم أو القضاء الشرعى أو مخرجا من الأزهر.
وفي ٢١ ديسمبر ١٩٠٨ افتتحت الجامعة الأهلية رسميا في مكان الجامعة الأمريكية الآن بميدان الأزهار.
وكانت دراستها: الحضارة الإسلامية والحضارات القديمة والتاريخ والجغرافيا عند العرب وادخلت ١٩١٠ مادة الأدب العربي.
واعترفت الحكومة بشهادات الجامعة (١٩١٣) حيث كان أحمد حشمت وزيرا للمعارف.
وكانت أطروحات الجامعة الأولى لطه حسين وحسن إبراهيم وأحمد بيلى وحامد المرعشلى وزكى مبارك واسرائيل ولفنسون وفريد رفاعى وأوفد عددا منهم إلى وربا ليعودوا أساتذة.
وقد حاول الاستعمار أن يحارب الجامعة فأعلن الدوق غورست أن الجامعة غير مستقلة ووقامت قيامة الصحف.
وقد تولى التدريس فيها: أحمد زكى باشا (الحضارة) إسماعيل رأفت (الجغرافيا) حفنى ناصف (الأدب العربي القديم) محمد الخضرى (التاريخ الإسلامي) محمد المهدى (الأدب العربي)
كما ألقى بها محاضرات للمستشرقين نلينو وجريدى وسنتيلانا واتجه عدد كبير من طلاب الأزهر إلى الجامعة.
فى الجامعة بدأ المزج بين الثقافة العربية القديمة