وقد وجد الاستعمار البريطانى في السودان مجالا خصبا لحملات التبشير التي انطلقت منه إلى افريقيا كلها وتعالت الصيحات المتوالية بما يقع في السودان وخاصة في جنوبه من وسائل العنف والغزو لفرض المسيحية، وقد وقعت عام ١٩٣٧ احداث ضخمة اذ تبين ان اهالى المناطق الجنوبية من المسلمين لا يعاملون على قدم المساواة مع افراد الجاليات الاخرى، وانه محظور عليهم اداء واجباتهم الدينية وان هناك موانع تحول دون سفر المسلمين من شمال السودان إلى جنوبه.
ونشرت (جريدة السودان- ٢٥/ ١٢/١٩٣٧) أن المبشرين يتمتعون في جنوب السواد بحماية الحكومة السودانية التي لها السلطة في ابعاد من يرون ابعاده من التجار والموظفين غير المرغوب منهم، وان المسلمين هناك يلقون عنتا في سبيل اقامة شعائر دينهم مع مساعدة المبشرين بالمال الذي تدفعه الحكومة كما عمدت بريطانيا إلى محاولة اتخاذ لهجات القبائل في جنوب السودان لغة رسمية لهم يدرسونها في المدارس لتقوم محل اللغة العربية وتحول دون انتشار اللغة التي تمكنهم من معرفة الإسلام كما منعوا التكلم باللغة العربية في هذه المناطق حتى تنشئ الرطائة الأعجمة.
وقد حاول حاكم السودان الانجليزي عندما وجهت له هذه الحقائق ان يدفع عن موقفه فقال: ان ما فرض في جنوب السودان من القيود المحلية على صغار التجار وامثالهم فقد قصد به منع استغلال الاهالى الذين هم في ابسط حالات الفطرة استغلالا غير مشروع.
وفيما تصل بذلك انشا الانجليز كلية غرد عام ١٩٠٣ في الخرطوم وقد جمعت لها بريطانيا ١٠٠ الف جنيه من اعيان انجليزا ونفذت فيها نظاما ربطها بالثقافة الانجليزية.
***
[فى الجزائر]
وفى الجزائر: قام الكردينالى "لاف يجرى" رئيس الاساقفة بعمل ضخم في سبيل التبشير فقد كان ينشي بعض مراكز التبشير في منتصف الطرق الموصلة بين المدن على نمط الزوايا الإسلامية لاغراء المسلمين وتنصيرهم وكان يخفى طابعها المسيحى زيادة في الخداع والتضليل، ومن ذلك المركز الذي انشاه في مدينة بسكره في منتصف الطرق بين جبال الاوراس وبحيرات شط العرب واطلق عليه اسم بيت الله وليس المبشرون فيه ليساس رواد الصحراء تثبها باللباس الإسلامي.
ومما يذكر ان الكردينالى (١٨٢٥ - ١٨٩٢) لافيجرى قد عجز بعد ان امضى اسقفا في الجزائر اربعين سنة ان يحقق خطته في تنصر المسلمين وكان قد عمل في افريقيا والسودان بتكليف من البابا يبوس التاسع نفسه.
***
[فشل الغزو]
تحولت خطط الغزو التبشيرى في خلال الفترة من ١٨٣٠ - وهو تاريخ احتلال الجزائر إلى نهاية الحرب العالمية الثانية- اكثر من مرة وعقدت عشرات المؤتمرات والفت في محاربة الإسلام والقرآن والنبى محمد اكثر من مائة الف كتاب وجندت اوربا عديد من كتابها من "لهواتى" داعية الحرية إلى زويمر ولاف يجرى بل ان عددا من كبار المستشرقين قد تحولوا إلى التبشير التحقوا بوزارة المستعمرات امثال ما سينون الفرنسي وجيب المستشرق الانجليزي الموظف بوزارة المستعمرات البريطانية كما استعان التبشير بجميع الاقليات المستوطنة والطارئة في الوطن العربي لمعاونته امثال الارمن والثوريين ومهاجرا اليهود والروس. وهاجمت فرنسا اليسوعيين في بلادها وطاردتهم وحمتهم في المستعمرات وامدتهم بالعون ووضع الاستعمار التبشير مخططا يرمى إلى خلق دعوات: كالشعوبية والفرعونية والثورية، واثارة الشكوك في اللغة العربية والإسلام والتاريخ، وذلك كوسيلة لخلق جيل خاضع تابع مستغرب لا سيطرة للحرية ولا الكرامة العربية عليه.
*وفي مصر وجد التبشير يعقوب ارثين باشا وكيل وزارة المعارف الذي عين المبشر "دوجلاس دنلوب" معلما في مدرسة بالاسكندرية ثم نقل إلى وزارة المعارف مفتشا ثم اصبح صاحب السلطان الاعلى على التعليم والتربية في مصر طوال فترة الاحتلال وفي ظل كرومر وظل اثره قائما طوال الفترة.
وقد وجد التبشير في كثير من الاحداث سبيله إلى دفع خططه إلى التنفيذ: فاستغل صدور الدستور العثمانى ١٩٠٨ فقال استورد لروود رئيس مؤتمر